السؤال
هل وادي طوى من الأماكن المقدسة شرعا؟ أم أنه كان كذلك حينما كلم الله فيه موسى، ثم زالت عنه القدسية؟
وشكرا.
هل وادي طوى من الأماكن المقدسة شرعا؟ أم أنه كان كذلك حينما كلم الله فيه موسى، ثم زالت عنه القدسية؟
وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمقدس هو المبارك المطهر، ووادي طوى مقدس شرعا؛ لأن الله تعالى وصفه بذلك في موضعين من القرآن الكريم، فقال تعالى لموسى -عليه السلام-: إنك بالواد المقدس طوى. {طه: 12}، وقال أيضا: إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى. {النازعات: 16}.
وهذا الوصف بالقداسة لهذا الوادي المبارك -لم يأت في النصوص ما يفيد زواله عنه، فهو باق على قداسته التي وصفه الله -تعالى- بها.
قال الشيخ ابن سعدي في تفسيره: {إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى}، أخبره أنه ربه، وأمره أن يستعد، ويتهيأ لمناجاته، ويهتم لذلك، ويلقي نعليه؛ لأنه بالوادي المقدس، المطهر، المعظم، ولو لم يكن من تقديسه، إلا أن الله اختاره لمناجاته كليمه موسى لكفى. انتهى.
وكون هذا الوادي مقدسا يتطلب مزيد عناية ممن مر به؛ لأن الفساد السلوكي، والأخلاقي يتنافى مع القدسية، ولا يناسبها، بل قد يكون مؤذنا بعقاب من الله لمن تعمد الإفساد فيه؛ لأن فيه استهانة بما عظمه الله، قال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. {الحج: 32}.
هذا، ومع كون قدسية هذا الوادي المبارك المطهر ثابتة، وباقية؛ إلا إن شريعة الإسلام لم تخصه بشيء من العبادة، ولم تحث على طلبه، وشد الرحال إليه، بل ورد النهي عن السفر إلى مكان بقصد العبادة، والصلاة فيه، إلا المساجد الثلاثة المذكورة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد الأقصى. متفق عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس في شريعة الإسلام بقعة تقصد لعبادة الله فيها بالصلاة، والدعاء، والذكر، والقراءة، ونحو ذلك إلا مساجد المسلمين، ومشاعر الحج. وأما المشاهد التي على القبور سواء جعلت مساجد، أو لم تجعل، أو المقامات التي تضاف إلى بعض الأنبياء، أو الصالحين، أو المغارات، والكهوف، أو غير ذلك: مثل (الطور) الذي كلم الله عليه موسى، ومثل (غار حراء) الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحنث فيه قبل نزول الوحي عليه، و(الغار) الذي ذكره الله في قوله: {ثاني اثنين إذ هما في الغار} ...، وما أشبه هذه البقاع، والمشاهد في شرق الأرض، وغربها، فهذه لا يشرع السفر إليها لزيارتها، ولو نذر ناذر السفر إليها، لم يجب عليه الوفاء بنذره باتفاق أئمة المسلمين. انتهى.
وانظر للفائدة الفتوى: 338161.
والله أعلم.