السؤال
من المعروف أن حد الزنا لا يثبت إلا باربعة شهود .. هل هذا يعني أنه في الشريعة الإسلامية إذا عجزنا عن إثبات هذا الحد فهذا يعني أنه لا سلطة للنظام الاسلامي في عقوبة هذا الرجل والمرأة حتى لو فعلا الفاحشة لوحدهما أو أمام أقل من أربعة شهود ؟
إذا كانت الاجابة هي التعزير، أليس التعزير لا يجوز أن يكون بأكثر من عشر جلدات ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن جريمة الزنا من أعظم الجرائم، وأكبر، الكبائر وأسوئها أثرا على الفرد والمجتمع، ولذلك كانت عقوبة مرتكبها في الدنيا والآخرة من أعظم وأغلط العقوبات، إذا كان الزاني حرا محصنا فإن عقوبته الرجم بالحجارة حتى الموت، والبكر يجلد مائة جلدة، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فهي مضاعفة العذاب والخلود فيه مهانا . قال تعالى: ومن يفعل ذلك .. يعني الزنا وما ذكر معه يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب إلى آخر الآية.
ولكن الشارع الحكيم حماية لأعراض المسلمين وصاينة لكرامتهم وإبقاء على عفتهم جعل ثبوت هذه الجريمة أمرا من الصعوبة؛ بل جعل الإقدام على هتك أعراض المسلمين والنيل من عفتهم دون بينه كبيرة من كبائر الذنوب يستحق صاحبها أن يجلد ثمانين جلدة ..
كل هذا سدا لذريعة هتك عرض المسلم والاعتداء على حرمته، فالشارع ـ السلطة الإسلامة ـ إذا لم تقم لديها بينة كافية تثبت جريمة الزنا خلت سبيل المتهم وتركته على أصله من العفة والنزاهة .
ولكن لا يعني هذا التهوين من شأن جريمة الزنا أو أنها إذا لم تثبت شرعا تكون أخف، وإنما هذا لأننا مخاطبون بما ظهر من الأدلة والبينات التي تقدم إلينا، فإذا توفرت أقيم الحد بمقتضاها، وإذا لم تتوفر سقط الحد في الدنيا عن المتهم، ولكن تبقى العقوبة الآخروية لأنها مرتبة على ما في نفس الأمر . يوضح هذا قوله صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها. رواه البخاري واللفظ . للبخاري
وقوله صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن .. رواه البخاري
والله أعلم.