السؤال
قرأت مجمل الفتاوى حول التأمين الصحي في موقعكم المحترم، وحاليا حاولت التسجيل في التأمين التعاوني -الضمان الاجتماعي- لكن لسبب قانوني لا يحق لي ذلك -أنا لا أعمل مع شركة داخل بلدي، بل في شركة خارج بلدي عن بعد من البيت، ويجب على شركة داخل بلدي أن تسجلني باسمها- في المقابل، ومبرر تحريم التأمين الصحي هو أنهم يأخذون راتبا، سواء أصبت، أم لم أصب، لكن ألا يشبه هذا وضع حارس عند الباب؟ فهو يدفع له شهريا من باب الاحتياط إذا وقع طارئ، أليس التأمين الصحي بمثابة حارس من باب الاحتياط، إذا ما أصاب الصحة عطب -لا سمح الله؟
حفظكم الله وأثمر بعلمكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق، والسداد، وأما ما سألت عنه حول تشبيه التأمين الصحي بالحارس عند الباب، فتشبيه باطل، وقياس مع الفارق، فهو مردود، وقد تعرض قرار مجمع الفقه الإسلامي لكل شبه القائلين بجواز التأمين التجاري، ومنها هذا القياس، ورده، ومما تضمنه ذلك القرار حول أسباب منع التأمين التجاري ما يلي: الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطا، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلا، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئا، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة، لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية، أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: يآ أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ـ الآية، والتي بعدها...
12- قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح، لأنه قياس مع الفارق أيضا، ومن الفروق أن الأمان ليس محلا للعقد في المسألتين، وإنما محله في التأمين الأقساط، ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان: فغاية ونتيجة، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس...إلخ.
والقرار بتمامه في الفتوى: 7394.
والله أعلم.