السؤال
زوج أختي طلقها بالثلاث دفعة واحدة، وقد قال لها أنت مطلقة، مطلقة، مطلقة، مطلقة، وأصبحت محرمة علي، وأنا أقصدها، فخرجت إلى بيت أهلنا، وبعد يومين من خروجها من منزلها أرسل رسالة يقول إنه عليهم الطلاق في المحكمة، لأن الحياة أصبحت صعبة بينهما، وأنهما غير متفاهمين، وبعد أيام أخرى ندم ندما شديدا، وبكى وقال إنه لا يعرف كيف فعل ذلك؟ وبينهما ابن، ويريد إرجاعها، فما حكم ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج لزوجته: أنت مطلقة- صريح في الطلاق، فيقع به الطلاق من غير حاجة إلى نية، عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: فإذا قال: أنت طالق، أو مطلقة، أو طلقتك، أو يا مطلقة، فهو صريح. انتهى.
وإن كان قصد بتكرار لفظ الطلاق إيقاع ثلاث طلقات -كما هو الظاهر من كلامه- وقعت الثلاث، أما إن كان لم يقصد إيقاع الثلاث، ولكن كرر للتأكيد ونحو ذلك، لم يقع إلا واحدة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال أنت طالق، طالق، طالق، وقال أردت التوكيد، قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله - عليه السلام: فنكاحها باطل، باطل، باطل ـ وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات. انتهى.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يوقع بالطلاق المتتابع قبل رجعة، أو عقد جديد إلا طلقة واحدة، خلافا للجمهور، وانظر الفتوى: 192961
والظاهر أن قوله: أصبحت محرمة علي- مجرد إخبار بما آل الأمر إليه بعد تلفظه بالطلاق الثلاث؛ فلا يقع به شيء، وعلى فرض أنه قصد به إنشاء حكم؛ فالراجح عندنا أن حكمه يتوقف على نيته بالتحريم؛ وانظري التفصيل في الفتوى: 14259
وما دام في المسألة خلاف، وتفصيل يتوقف على معرفة نية الزوج؛ فالصواب أن يعرض الزوج المسألة على المحكمة الشرعية، أو يشافه بها من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم، والديانة، ويعمل بفتواهم.
والله أعلم.