السؤال
تزوجت منذ ثلاثة أشهر، حصل خلالها مشاكل مع أهل الزوج، وأمه، حيث تكلمت علي بكلام مؤذ، وقعدت تعيب علي، وأني أنانية، أريد أخذ زوجي منهم، وأني سوف أمرضه، ونحو هذا الكلام الغريب. كنت غاضبة جدا؛ لأنه لم يدافع عني، بالعكس كل تصرفاته كانت تقول: إنه يصدق كلامهم، بسبب هذا كنت غاضبة جدا،
وهو أيضا، وكنت أصيح، وأرفع صوتي لساعات في أوقات المشاكل. نزلت مرة لعمل، وتأخرت فيه، واعتذرت له، وقبل اعتذاري؛ لأني فعلا غلطت.
ترك البيت فجأة، وقرر أن يطلقني، وبقي مدة شهر ونصف لا يعرف شيئا عني، ولا يرضى أن يكلمني، ولا يرد علي أبدا. صاحباتي عملن رحلة؛ لتطييب خاطري،
كانت أقل من يوم؛ لأن المكان قريب منا، وأنا لم أخبره؛ لأني لو أخبرته سيطلقني، وهو لا يرد علي أصلا.
هل أنا بسبب هذه التصرفات أصبحت ناشزا؟ هل قوله عني: إني ناشز، ولا يتواصل معي إلى حد أن يطلقني، ولا يرضى عني أبدا، هل هذا أمر طبيعي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسائل التي فيها نزاع، وخصومة بين الزوجين؛ لا تنفع فيها الفتوى عن بعد، ولا يسوغ الحكم فيها بظلم أحد الزوجين للآخر، ووصفه بالنشوز، أو عدمه، ولكن مردها إلى القضاء الشرعي؛ للفصل فيه، أو إلى من يرتضيه الزوجان للحكم بينهما ممن يصلح لذلك، فيسمع من الزوجين، ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهما. والذي بوسعنا أن نبينه من حيث الحكم الشرعي على وجه العموم ما يلي:
-الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، وأن يؤدي كل منهما حق الآخر من غير أذى، أو إساءة.
-على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، إلا أن تكون ناشزا.
-إذا كان الزوج قائما بالإنفاق على زوجته بالمعروف؛ فلا يجوز لها أن تخرج من بيته لغير ضرورة دون إذنه، وإلا كانت ناشزا، حتى لو طلقها الزوج طلاقا رجعيا، فليس لها أن تخرج من بيته قبل انقضاء العدة، وليس له إخراجها. وراجعي الفتوى: 385432
-إذا خرجت الزوجة من بيته دون إذنه؛ للضرورة، فليست ناشزا. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية بلا إذن الزوج، إن كانت لها نازلة، ولم يغنها الزوج الثقة، أو نحو محرمها، وكذا لقضاء بعض حوائجها التي لا بد لها منها، كإتيانها بالماء من الدار، أو من خارجها، وكذا مأكل، ونحو ذلك مما لا غناء عنه للضرورة، إن لم يقم الزوج بقضائه لها، وكذا إن ضربها ضربا مبرحا، أو كانت تحتاج إلى الخروج لقاض تطلب عنده حقها. انتهى.
-إذا ظهر من الزوجة النشوز؛ فلزوجها أن يهجرها في الكلام ثلاثة أيام، وفي المضجع إلى أن ترجع عن نشوزها، وفي جواز الهجر خارج البيت خلاف بين أهل العلم، وقد سبق بيانه، وترجيح جوازه في الفتوى: 62239
- على الزوج أن يجمع بين بر والديه، وصلة رحمه، وبين إحسان عشرة زوجته، وعدم تعريضها للأذى من أهله، أو غيرهم، وينبغي أن يكون حكيما، فيحرص على الإصلاح بينهم، واجتناب ما يكدر صفو المودة، وراجعي الفتوى: 66448
- من محاسن أخلاق الزوجة، وطيب عشرتها لزوجها؛ إحسانها إلى أهله، وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه، وصلة رحمه.
- الأصل أن الطلاق مبغوض شرعا؛ فلا ينبغي أن يصار إليه، إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، -ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات-، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق، وانظري الفتوى: 94320
والله أعلم.