السؤال
عرضت على والد زوجي أخذ ميراثه من زوجي -رحمه الله-، لكنه لم يأت لأخذه، فأودعت المبلغ لأولادي باسمهم في البنك، وعمر أولادي الأول: سنتان، والثاني: ثلاثة أسابيع، وعندما علم والد زوجي لم يعترض، وبعد سنة زوجني بابنه (عم الأولاد) وتوفي والد زوجي، وتوفي عم الأولاد.
أشعر الآن أني أذنبت ذنبا كبيرا! فماذا أفعل؟ مع العلم أن لأولادي الكثير من الأعمام والعمات والأحفاد.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في السؤال أنك عرضت على والد زوجك أن يأتي لأخذ نصيبه من تركة زوجك، لكنه لم يأت، وعلم بتصرفك في نصيبه، وأنك وضعته في حسابات أولادك بأسمائهم ولم يعترض على ذلك، وسكت عليه، وهذا السكوت منه يمكن اعتباره إقرارا بذلك، ورضا به، على قول معتبر لبعض أهل العلم.
قال ابن عاصم في التحفة:
وحاضر لواهب من ماله ولم يغير ما رأى من حاله
الحكم منعه القيام بانقضا مجلسه إذ صمته عين الرضا
قال ميارة في شرحه: يعني أن من وهب ماله، أو تصدق به وسكت ولم يتكلم من غير عذر، ولم يغير على فاعل ذلك حتى انقضى المجلس، فلا قيام له ولزمه ذلك. ويعد سكوته رضا منه بذلك، وقيامه بعد ذلك ندامة، فلا يقبل منه. اهـ.
وقال الشنقيطي في أضواء البيان: هذه المسألة مبنية على الاختلاف في قاعدة أصولية، وهي هل ينزل السكوت منزلة الإقرار أو لا؟ ... فمن قال: إن السكوت لا يعد رضى. قال: لأن الساكت قد يسكت عن الإنكار مع أنه غير راض. ومن قال: إنه يعد رضى، قال: لأن سكوته قرينة دالة على رضاه ...
والخلاف في هذه المسألة معروف في فروع الأئمة وأصولهم. ومن تتبع فروعهم وجدهم في بعض الصور يجعلون السكوت كالرضى؛ كالسكوت عن اللعان زمنا بعد العلم بموجبه، وكالسكوت عن القيام بالشفعة ونحو ذلك، ويكثر في فروع مذهب مالك جعل السكوت كالرضى... ولكل واحد من القولين وجه من النظر. اهـ.
وعلى ذلك، فالأمر يحتاج إلى الرجوع للقضاء، فإن حكم القاضي بصحة الهبة، فلا إشكال. وإن حكم بعدم صحتها، رجع هذا المال لورثة الجد يوم وفاته، يقسم بينهم بحسب أنصبتهم الشرعية.
والله أعلم.