السؤال
كان هناك شاب عمره 18سنة تقريبا، وكان وسيما جدا في قريتنا، وقبل الهداية -التي أسأل الله أن يثبتني عليها- كنت أهيم حبا بالأولاد الوسيمين -والعياذ بالله-، وفي وقت صلاة الجمعة نظرت إلى عنق ذلك الفتى نظرة -لعل فيها شيئا من الشهوة- لجمال عنقه، وبعد فترة -لعلها طويلة نوعا ما- سمعت أن ذلك الفتى مات إثر غدة في اللوز، فخفت أن أكون أصبته بعين، فهل أنا السبب، ويراودني هذا الشك منذ فترة، وهل هذا قتل متعمد لعبد من عبيد الله المسلمين؟ أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فبداية؛ نهنئك بهداية الله لك، ونسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، وننصحك بمطالعة الفتوى: 26446.
وقد كان عليك عند نظرك لهذا الشاب الذي أعجبك، أن تغض بصرك، وتقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من نفسه، وأخيه ما يعجبه، فليدع بالبركة، فإن العين حق. رواه الحاكم، وأبو يعلى في مسنده، وفي مسند أحمد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: علام يقتل أحدكم أخاه! هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت. وصححه الأرناؤوط. وقال ابن مفلح في الآداب بعد هذا الحديث: فمن خاف أن يضر غيره، فليقل ذلك. وكان عروة إذا رأى شيئا يعجبه، قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. انتهى. قال ابن كثير: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله، أو ماله، أو ولده، فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة. انتهى.
فلا يجوز للمسلم أن يتسبب في أذية أخيه، وضرره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. وهذا الحديث أصل من أصول الشرع.
وبناء عليه؛ قال الزرقاني في شرحه على موطأ الإمام مالك: ونقل ابن بطال عن بعض العلماء: أنه ينبغي للإمام منع العائن -إذا عرف بذلك من مداخلة الناس-، ويأمره بلزوم بيته، وإن كان فقيرا، رزقه ما يكفيه، ويكف أذاه عن الناس، فإن ضرره أشد من ضرر آكل الثوم، والبصل، الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد؛ لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم، الذي منعه عمر والعلماء بعده الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي، الذي يؤمر بإبعادها إلى حيث لا يتأذى بها أحد. انتهى. كل ذلك لحماية المسلم، ودفع الضرر عن المجتمع.
وقد اختلف أهل العلم في تضمين من أتلف شيئا بإصابة عينه، فنقل العراقي الشافعي في طرح التثريب عن القرطبي المالكي في شرح مسلم أنه قال: إذا أتلف شيئا بإصابة عينه، ضمنه، وإذا قتل قتيلا، ضمنه بالقصاص، أو الدية... ثم قال العراقي: وظاهر جزمه بذلك أنه مذهبه، فلينظر .. ثم قال: الذي ذكره أصحابنا الشافعية أنه إذا أصاب غيره بالعين، واعترف أنه قتله بالعين، فلا قصاص ... قال النووي في الروضة: ولا دية فيه أيضا، ولا كفارة.
والحاصل؛ أنه لا كفارة عليك، ولا ضمان -إن شاء الله تعالى-، ولكنك إذا كنت متعمدا لإدخال الضرر على أخيك، فإنك تأثم لذلك، وعليك التوبة، واستغفار الله تعالى، هذا على فرض أن سبب الوفاة هو العين، وهو أمر مشكوك فيه.
والله أعلم.