السؤال
كيف يتم الجمع بين حديث: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد. وبين خيرية باقي الأنبياء والمرسلين على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
كيف يتم الجمع بين حديث: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد. وبين خيرية باقي الأنبياء والمرسلين على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الذي سألت عنه ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو من كلام عبد الله بن مسعود، فهو إذا موقوف على عبد الله بن مسعود على القول الصحيح.
قال العجلوني في كشف الخفاء: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. رواه أحمد في كتاب السنة، وليس في مسنده.
كما وهم عن ابن مسعود بلفظ: إن الله نظر في قلوب العباد، فاختار محمدا -صلى الله عليه وسلم-، فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد، فاختار له أصحابا، فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح.
وهو موقوف حسن، وأخرجه البزار والطيالسي والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الاعتقاد عن ابن مسعود أيضا.
وفي شرح الهداية للعيني: روى أحمد بسنده عن ابن مسعود قال: إن الله نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم-، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئا - وفي رواية قبيحا- فهو عند الله سيئ.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي: روي مرفوعا عن أنس بإسناد ساقط، والأصح وقفه على ابن مسعود. انتهى.
ولعل الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود يقصد تفضيل الصحابة على سائر الناس على عهد رسول الله -صلى لله عليه وسلم-، ولا يقصد تفضيلهم على الأنبياء والرسل، فإن مسألة تفضيل الأنبياء على غيرهم محل اتفاق عند الأمة.
جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء. وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم " أربع مراتب" فقال تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}. وفي الحديث: {ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر}. اهـ.
وقال أيضا في الجواب الصحيح: والذي عليه سلف الأمة كالصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين وجماهير المسلمين أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، وليس بعد الأنبياء أفضل منهما. اهـ.
والله أعلم.