السؤال
أنا شاب معوق حركيا أعاني من مرض الحساسية فعندما أتوضأ يصيبنى وجع في رأسي وأحيانا أصاب بالدوخة والإنفلونزا فأصبحت أتيمم للصلاة وقراءة القرآن سؤالي هل إذا كنت جنبا يجب علي أن أغتسل لرفعها ثم أتيمم للصلوات المقبلة بعد دالك أم يكفيني التيمم حتى ولو لم أرفع الجنابة هل صلاتي وقراءة القرآن صحيحةوجزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت تتضرر بالغسل لرفع الجنابة ويصيبك بذلك المرض ـ وأنت أعلم بنفسك ـ فالواجب عليك غسل ما استطعت من جسدك ثم التيمم عن الباقي، ومثل ذلك في الوضوء من الحدث الأصغر، يجب عليك غسل ما تستطيع من الأعضاء والتيمم عن الباقي، فإذا فعلت ما وصفنا في الغسل أو الوضوء فلك حينئذ أن تصلي وتفعل كل ما يشترط لفعله الطهارة إلا أن عليك الغسل لرفع الجنابة متى قدرت على ذلك، لأن من المعلوم أنه لا يصح ولا يجوز رفع الحدث الأكبر ولا الحدث الأصغر إلا بالماء ولا يعدل عنه إلى التيمم إلا عند فقد الماء أو عند العجز عن استعماله لمرض ونحوه، وضابط المرض الذي يبيح التيمم هو الذي يخاف معه تلف نفس، أو عضو، أو منفعة، أو حدوث مرض مخوف، أو بطء البرء، أو شين فاحش في عضو ظاهر، فليس مجرد حصول أدنى مشقة بالغسل أو بالوضوء يبيح التيمم، ولذلك فقد قسم العلماء المشاق إلى قسمين، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في الأشباه والنظائر ( المشاق على قسمين:
1ـ مشقة لا تنفك عنها العبادة غالبا، كمشقة البرد في الوضوء والغسل.
ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها. ومشقة ألم الحدود، ورجم الزناة، وقتل الجناة، فلا أثر لهذه في إسقاط العبادات في كل الأوقات. ومن استثنى من ذلك جواز التيمم للخوف من شدة البرد فلم يصب، لأن المراد أن يخاف من شدة البرد حصول مرض من الأمراض التي تبيح التيمم، وهذا أمر ينفك عنه الاغتسال في الغالب، أما ألم البرد الذي لايخاف معه المرض المذكور، فلا يبيح التيمم بحال وهو الذي لا يبيح الانتقال إلى التيمم.
2ـ وأما المشقة التي تنفك عنها العبادات غالبا فعلى مراتب:
الأولى: مشقة عظيمة فادحة: كمشقة الخوف على النفوس، والأطراف ومنافع الأعضاء فهي موجبة للتخفيف والترخيص قطعا لأن حفظ النفوس والأطراف لإقامة مصالح الدين أولى من تعريضها للفوات في عبادة، أو عبادات يفوت بها أمثالها.
الثانية: مشقة خفيفة لا وقع لها كأدنى وجع في إصبع، وأدنى صداع في الرأس أو سوء مزاج خفيف، فهذه لا أثر لها، ولا التفات إليها، لأن تحصيل مصالح العبادات أولى من دفع مثل هذه المفسدة التي لاأثر لها.
الثالثة: متوسطة بين هاتين المرتبتين. فما دنا من المرتبة العليا، أوجب التخفيف أو من الدنيا لم يوجبه كحمى خفيفة ووجع الضرس اليسير،وما تردد في إلحاقه بأيهما اختلف فيه ولا ضبط لهذه المراتب، إلابالتقرب,أي التقريب وقد أشار الشيخ عز الدين إلى أن الأولى في ضبط مشاق العبادات : أن تضبط مشقة كل عبادة بأدنى المشاق المعتبرة في تخفيف تلك العبادة فإن كانت مثلها، أو أزيد، ثبتت الرخصة، ولذلك اعتبر في مشقة المرض المبيح للفطر في الصوم: أن يكون كزيادة مشقة الصوم في السفر عليه في الحضر، وفي إباحة محظورات الإحرام: أن يحصل تركها، مثل مشقة القمل الوارد فيه الرخصة. وأما أصل الحج فلا يكتفى في تركه بذلك، بل لا بد من مشقة لا يحتمل مثلها، كالخوف على النفس، والمال وعدم الزاد والراحلة. وفي إباحة ترك القيام إلى القعود: أن يحصل به ما يشوش الخشوع، وإلى الاضطجاع أشق لأنه مناف لتعظيم العبادات بخلاف القعود، فإنه مباح بلا عذركما في التشهد فلم يشترط فيه العجز بالكلية. وكذلك اكتفى في إباحة النظر إلى الوجه والكفين بأصل الحاجة، واشترط في سائر الأعضاء تأكدها، وضبطه الإمام بالقدر الذي يجوز الانتقال معه إلى التيمم، ويشترط في السوأتين مزيد التأكيد، وضبطه الغزالي بما لا يعد التكشف بسببه هتكا للمروءة، ويعذر فيه في العاددة.
زالله أعلم .