السؤال
لقد ذكر على مسامعنا من أخ، الشيخ الفاضل: في درس ذات يوم بمسجد فقال لنا معلومة أريد أن أتاكد من صحتها إذا سمحتم لنا ألا وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجامع نساءه يومين بالأسبوع "الأثنين والخميس" فهل هذا صحيح وإن كان صحيحا هل أتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، هل لا بد من عمل ذلك؟ جزاكم الله عنا خيرا فيما تفتونا وتبلغونا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجماع يستحب يوم الجمعة وليلتها عند طائفة من أهل العلم لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من أصحابه فقال: عدت اليوم مريضا، قال: لا، قال: فتصدقت بصدقة، قال: لا، قال: فصليت على جنازة، قال: لا، قال: فأصبت من أهلك، قال: لا، قال: فأصب منهم فإنها منك عليهم صدقة وذلك يوم الجمعة. قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الأوسط وفيه النصر بن عاصم بن هلال البارقي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح حديث: أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر. قال: وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه، وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث: من غسل واغتسل. المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد، قال النووي: ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل، والصواب الأول. انتهى.
وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد، وثبت أيضا عن جماعة من التابعين، وقال القرطبي: إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه وإن كان الأول أرجح ولعله عنى أنه باطل في المذهب.
قال السيوطي: ويؤيده -أي يؤيد القول بالاستحباب- حديث: أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة.
وأما ما ذكره هذا الشخص من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجامع أهله يوم الاثنين والخميس فلم نقف له على أصل صحيح، ولو ثبت فلا يلزم الشخص فعل ذلك ولكن له أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما لم يكن ثم مانع يمنع من الوطء كالحيض ونحو ذلك في هذين اليومين.
والله أعلم.