تفسير (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ..)

0 276

السؤال

ما معنى الآية الكريمة:{وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم}، من المقصود بهؤلاء، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الآية الكريمة هي الآية السادسة بعد المائة من سورة التوبة، وهي تتحدث عن قسم من أقسام المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهم المرجون أو المرجئون (بالهمز) المؤخرون في تلك الحال لا يقطع لهم بالتوبة ولا بعدمها، بل هم على ما يتبين من أمر الله سبحانه وتعالى في شأنهم، إما يعذبهم إن بقوا على ما هم عليه ولم يتوبوا، وإما يتوب عليهم إن تابوا توبة نصوحا وأخلصوا إخلاصا تاما.... "والله عليم" بأحوالهم "حكيم" فيما يفعله بهم من خير أو شر.

ومرجون: من الإرجاء وهو التأخير، ولهذا قرئ بالهمز وبغيره كما في قوله تعالى: قالوا أرجه وأخاه  [الأعراف:111]، وهؤلاء المرجون هم الثلاثة الذين تأتي قصتهم في هذه السورة في سياق قوله تعالى: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم*  وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم} [التوبة:117-118].

والثلاثة هم كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع وكلهم من الأنصار، والأخيران شهدا بدرا، والأول شهد بيعة العقبة.... وكانوا تخلفوا عن غزوة تبوك في بضع وثمانين رجلا جلهم من المنافقين، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة صدقه الثلاثة حديثهم فأخبروه بحقيقة أمرهم، واعترفوا بذنبهم وكذب غيرهم، فحلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما حبسهم إلا العذر فقبل منهم علانيتهم وبايعهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى، ونهى عن كلام الثلاثة وقال لهم حين حدثوه حديثهم واعترفوا بذنبهم: قد صدقتم فقوموا حتى يقضي الله فيكم، فلما أنزل الله تعالى القرآن تاب على الثلاثة المرجئين الذين أخر النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم والحكم في شأنهم حتى يحكم الله فيهم، وقال للآخرين: سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون [التوبة:95] إلى قوله تعالى: يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } [التوبة:96]، وقد نزلت توبة الثلاثة بعد خمسين ليلة وكانوا على الحال التي وصف الله عز وجل: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم [التوبة:118]، هذا باختصار خلاصة ما ذكره المفسرون في هذه الآية الكريمة، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من قصة الثلاثة المذكورين بأسلوب شيق رائع وتفصيل ممتع بليغ صاغه الصحابي الجليل والشاعر الأديب كعب بن مالك رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة والتفسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات