المآخذ الشرعية في أرجوزة علي بن الجهم

0 28

السؤال

كنت أود الاستفسار عن جواز سماع "الأرجوزة المحبرة في التاريخ" لعلي بن الجهم، كنت أحاول ترك الأغاني، واستبدالها تدريجيا بالأناشيد الإسلامية، والتلاوات القرآنية، عرفتها بالصدفة، وأسمعها يوميا من جمال صوت القارئ، حتى صرت أحفظها بجميع فصولها، فهل بها ما يخل بالدين، أو بدع، أو أخطاء تاريخية تحرم سماعها، وقراءتها؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه الأرجوزة ليست في أصول الدين، ولا في الفقه، وعلى هذا؛ فليس الخطأ فيها مخلا بالدين، والعقيدة، أو مؤسسا للبدعة، ولكنها مشتملة على أخطاء تاريخية، وتثبت ما لا سبيل لإثباته من مصادر المسلمين الموثوقة، فمصادر علي بن الجهم في هذه الأرجوزة ليست كلها إسلامية، وفيها اعتماد على بعض الروايات الإسرائيلية التي لا نثق بثبوتها، حيث قال في مطلعها:

أخبرنا قوم من الثقات .. ألو علوم، وألو نهاة.

تقدموا في طلب الآثار .. وعرفوا حقائق الأخبار.

وفهموا التوراة، والإنجيلا .. وأحكموا التأويل، والتنزيلا. انتهى.

ومن أخطر الأشياء التي ذكرها في أرجوزته أن ولي الله الملك الصالح طالوت الذي قتل جالوت كان حاسدا لنبي الله داود -على نبينا، وعليه الصلاة والسلام-!

فقال علي بن الجهم:

وكان طالوت له حسودا .. فأظفر الله به داودا.

وخبر حسد طالوت لداود غير ثابت شرعا، بل إنه منكر من القول وزور، وبنو إسرائيل قد اتهموا أنبياء الله بأكثر من هذا، واتهام طالوت أهون عليهم، ولا يعقل أن يصدر هذا من طالوت؛ فالله -تعالى- هو الذي اختاره ليكون ملكا يقود الجيش الذي يقاتل عدو الله جالوت، وجعله ملهما؛ فطالوت هو القائل لهم: إن الله مبتليكم بنهر {البقرة: 249} وهذا نوع من الوحي، أو الإلهام، من جنس ما أوحى الله -تعالى- به لأم موسى في القصة المشهورة. فالله -تعالى- هو الذي زكاه، وأيده في قوله: إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم { البقرة: 248}، ثم بعد هذا يظهره الإسرائيليون بمظهر الحسود! إنهم بهذا الزعم لا ينتقدون طالوت، وإنما ينتقدون حكمة الله في اختياره!

وانظري الفتوى رقم: 173743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة