السؤال
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء، أو لا ترجع إليهم. وفي لفظ: أو لتخطفن.
فهل المقصود هنا من يرفع نظره متعمدا؟ وهل رفع البصر بالخطأ أو دون تعمد يعفى عنه؟
أشك أحيانا إذا كنت أرفع بصري أو لا، رغم أنني أحيانا أكون متأكدة أنني لم أرفعه.
هل المقصود رفع البصر وليس النظر؟ وهل رفع الرأس دون رفع البصر عادي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموضوع هنا يتعلق بالمصلي، فيكره له أن يرفع بصره إلى السماء في أثناء الصلاة؛ لما رواه البخاري في (صحيحه) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم!
قال الحافظ ابن رجب في (فتح الباري): في الحديث: دليل على كراهة رفع بصره إلى السماء في صلاته. وقد روي هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من رواية عدة من الصحابة ... والمعنى في كراهة ذلك: خشوع المصلي وخفض بصره، ونظره إلى محل سجوده؛ فإنه واقف بين يدي الله عز وجل يناجيه، فينبغي أن يكون خاشعا منكسا رأسه، مطرقا إلى الأرض. انتهى.
وإذا رفع المصلي بصره إلى السماء سهوا؛ فلا كراهة حينئذ.
وأما بخصوص قولك: وهل رفع الرأس دون رفع البصر عادي؟
فمن المعلوم أن رفع الرأس يستلزم رفع البصر، وعلى افتراض أنه رفع رأسه مغمضا عينيه، فلا تنتفي الكراهة؛ لأن المعنى الذي من أجله نهي عن رفع البصر يبقى موجودا، حيث إنه بذلك لن ينظر إلى موضع سجوده ولن يبقى الرأس خاشعا منكسا كما أفاد ابن رجب فيما نقلناه عنه آنفا.
هذا فضلا عن أن تغميض العينين في الصلاة بلا داع مكروه عند كثير من الفقهاء.
وعلى أي حال؛ فإذا رفع رأسه في الصلاة لحاجة كأن يتجشأ فيخاف أن يؤذي غيره بالرائحة، فهو جائز ولا كراهة فيه.
قال المرداوي في الإنصاف: يستثنى من ذلك، حالة التجشؤ، فإنه يرفع رأسه إلى السماء. نص عليه في رواية مهنا وغيره؛ إذا تجشأ وهو في الصلاة، ينبغي أن يرفع وجهه إلى فوق؛ لئلا يؤذي من حوله بالرائحة.
ونقل أبو طالب، إذا تجشأ وهو في الصلاة، فليرفع رأسه إلى السماء، حتى يذهب الريح، وإذا لم يرفع، آذى من حوله من ريحه. انتهى.
والله أعلم.