السؤال
آكل وجبتين في اليوم، وجبة عادية، والأخرى تحتوي على دجاج، ليس دجاجة كاملة، لكن مجرد قطعة منها، وأنا على هذا كل يوم. فهل هذا يعد إسرافا كوني أشتري وأتناول قطعا من الدجاج في كل يوم؟ وأحيانا أتناول شيئا غير الدجاج -كالسمك- فهل هذا حرام؟
أنا على علم بأنه إسراف بأن تأكل حتى تتعدى الشبع، لكن عن شراء الدجاج وأكله كل يوم هو ما أريد أن أعرف ما إذا كان إسرافا أم لا! فقد سمعت رواية لسيدنا عمر بن الخطاب مع صحابي آخر وجده يشتري لحما كل يوم، فنهاه عن هذا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات، قال ابن مفلح الحنبلي في كتابه الآداب الشرعية: وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد، وهو من العدوان المحرم. اهـ.
وقال ابن عابدين الحنفي في حاشيته رد المحتار: والتبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقا وهو أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي، والتبذير صرفه فيما لا ينبغي. اهـ.
فعلى هذا؛ فإن حد التمتع المباح ينتهي بالزيادة على ما ينبغي، سواء في مقدار الأكل، أو في مقدار الشراء، وكونك الإنسان يأكل اللحم كل يوم، هذا لا يلزم منه أنه دخل في حد الإسراف، فمن المعلوم أن الإنسان يحتاج أن يأكل كل يوم، ولو أكل نوعا معينا كل يوم لم يكن هذا في ذاته إسرافا، وإنما الإسراف أن يشتري منه كل يوم فوق حاجته، أو يأكل فوق حاجته.
فنرجو أن لا حرج عليك في أكل اللحم كل يوم، وليس هذا من الإسراف.
وقصة عمر التي أشرت إليها، روي أنها كانت مع ابنه عبد الله، ومع جابر -رضي الله عنهم جميعا-، وأن عمر أنكر عليهما شراء اللحم، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يشتري كلما اشتهى، وعلى تقدير صحة هذه القصة، فقد جاء في بعض رواياتها أن سبب إنكار عمر ليس أن هذا من الإسراف، وإنما هو خوفه أن يكون هذا من تعجيل طيبات الآخرة في الدنيا، كما في رواية الموطأ أنه قال لجابر: أين تذهب عنكم هذه الآية: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}. اهـ.
والله أعلم.