السؤال
كيف نجمع بين حديث مسح الوجه باليد بعد النوم، والأمر بغسل اليدين عند الاستيقاظ: فإذا كنت لا أدري أين باتت يدي، فكيف أمسح بها وجهي؟وإذا مسحت وجهي، فهل أغسله؟أرجو إفادتي.
كيف نجمع بين حديث مسح الوجه باليد بعد النوم، والأمر بغسل اليدين عند الاستيقاظ: فإذا كنت لا أدري أين باتت يدي، فكيف أمسح بها وجهي؟وإذا مسحت وجهي، فهل أغسله؟أرجو إفادتي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ في الليل... فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده...
وفي الصحيحين أيضا أنه قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده.
فالحديثان صحيحان، ولا تعارض بينهما، وإنما يتصور التعارض لو كان الأمر بغسل اليدين لنجاستهما نجاسة تنتقل إلى ما تلمسانه، وهذا غير حاصل هنا.
فالنهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها بعد الاستيقاظ من النوم محمول على التنزيه، لا على التحريم عند الجمهور، فيد المسيتقظ من النوم ليست متنجسة يقينا، بل هي محمولة على الطهارة، مراعاة للأصل.
وعليه، فمن مسح وجهه بيديه بعد الاستيقاظ من النوم، وقبل غسلهما لا يأثم، ولا يتنجس وجهه.
جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: فيه النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها، وهذا مجمع عليه؛ لكن الجماهير من العلماء المتقدمين، والمتأخرين على أنه نهي تنزيه، لا تحريم، فلو خالف وغمس لم يفسد الماء، ولم يأثم الغامس. انتهى.
وقال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير: حتى يغسلها ثلاثا- قال بإيجاب الغسل ابن حنبل، لظاهر الأمر، وقال غيره: أنه للندب، لأنه علل بأمر يقتضي الشك وهو لا يقتضي الوجوب، فليستصحب الأصل، وهو عدم الوجوب، واستدلوا بوضوئه -صلى الله عليه وسلم- عند قيامه من نوم الليل من الشن المعلق، كما في حديث ابن عباس، ولم يذكر أنه غسل يديه أولا. اهـ.
والخلاصة أنه لا تعارض بين مسحه صلى الله عليه وسلم بيده وجهه، وبين أمره بغسلها؛ لأن يد النائم محمولة على الطهارة، وأن الأمر بغسلها على سبيل الاستحباب، لا على أنها نجسة.
والله أعلم.