السؤال
لدي سؤال عن كثرة الصيام. أمي دائما تصوم جميع أيام الأسبوع ما عدا الجمعة، وأحيانا تفطر في السبت أو الأحد. وأنا أقول لها: صومي فقط الاثنين والخميس، والأيام البيض أيضا؛ لأنها تعمل طول النهار، وهي معلمة وتتكلم كثيرا وتتعب، طول الوقت صائمة لا تأكل ولا تشرب، ونحن في مدينة بعيدة أذان المغرب في الثامنة والنصف.
فهل يجوز أن تصوم كل الأيام، ولا تكترث بنا -كتب الله أجرها- تريد الصيام ولكن كل الوقت وهي صائمة.
ماذا نفعل معها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صوم والدتكم الكريمة معظم أيام الأسبوع لا يضر بها، ولا يمنعها عما يجب عليها من التكاليف الشرعية؛ فلا حرج عليها في ذلك الصيام، بل هي على خير عظيم، حيث وفقها الله تعالى وحبب إليها الصيام، وليس ما تفعله من صيام الدهر المنهي عنه ما دامت تفطر بعض أيام الأسبوع.
قال الإمام النووي في كتابه (المجموع): قال الشافعي والأصحاب في صوم الدهر نحو قول المصنف. والمراد بصوم الدهر سرد الصوم في جميع الأيام؛ إلا الأيام التي لا يصح صومها وهي: العيدان وأيام التشريق.
وحاصل حكمه عندنا: أنه إن خاف ضررا، أو فوت حقا بصيام الدهر؛ كره له. وإن يخف ضررا ولم يفوت حقا لم يكره. هذا هو الصحيح الذي نص عليه الشافعي، وقطع به المصنف والجمهور ...
فرع: في تسمية بعض الأعلام من السلف والخلف ممن صام الدهر غير أيام النهي الخمسة العيدان والتشريق، فمنهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو طلحة الأنصاري، وأبو أمامة، وامرأته، وعائشة -رضي الله عنهم- وذكر البيهقي ذلك عنهم بأسانيده، وحديث أبي طلحة في صحيح البخاري. ومنهم سعيد بن المسيب، وأبو عمرو بن حماس، وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف التابعي سرده أربعين سنة! والأسود بن يزيد صاحب ابن مسعود.
ومنهم: البويطي، وشيخنا أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد المقدسي الفقيه الإمام الزاهد. انتهى.
وأما كون صيام والدتكم الكريمة يمنعكم من الائتناس بها، ومؤاكلتها، وغير ذلك من أسباب دفع الوحشة؛ فليس مسوغا لأمرها بالفطر.
ويمكنكم إدخال السرور عليها ومؤانستها بعد فطرها، أو في الأيام التي تفطر فيها، وهي توافق إجازة نهاية الأسبوع، والحمد لله رب العالمين!
وللفائدة راجعي الفتوى: 58678.
والله أعلم.