السؤال
والدي رجل متدين ويعمل بالتجارة ونظرا لثقة الناس به أوكلوا له مهمة بناء أحد المساجد لأن له خبرة في مجال الإنشاءات وكان يقوم بجمع التبرعات والإنفاق على المسجد ولكن شاءت ظروف تجارية أن تتعثر وثقلت عليه الديون فكان يقوم بسداد الديون من أموال المسجد ثم يقوم بردها مرة أخرى للمسجد حيث إن البناء يأخذ بعض الوقت فيستغل هذا الوقت في سداد ما أخذه من أموال المسجد، وتم البناء والحمد لله وتم أيضا سداد ما أخذه من أموال المسجد كاملا، فما هو حكم الشرع في هذا، وهل هو آثم بما فعل أم لا وإذا كان آثما فماذا يفعل حتى يغفر الله له؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز لوالدك أن يستدين من مال الوقف لنفسه، وعليه أن يتوب مما مضى، ولا يرجع إلى ذلك مرة أخرى.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فرع: ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي في مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره (وإقراضه إياه) أي مال الوقف، (كإقراض مال الصبي).انتهى
وقال في شرح البهجة: ولا يجوز أن يأخذ من مال الوقف شيئا على أن يضمنه، فإن فعل ضمنه، وإقراض مال الوقف كإقراض مال الصبي. انتهى.
بل إن الفقهاء قد ذكروا أن ناظر الوقف لا يجوز له أن يبيع أو يؤجر من نفسه أو والده أو ولده، لاحتمال دخول المحاباة.
لكننا ننبه إلى أنه يجوز لناظر الوقف أن يأخذ من أموال الوقف أجرة المثل بالمعروف، فإذا كان والدك قد أخذ من أموال المسجد بمقدار أجرته على المقاولة والنظارة فلا حرج عليه في ذلك.
وننبهك إلى لفظ ورد في سؤالك وهو قولك: (شاءت الظروف) فنسبت المشيئة إلى الظروف، وهذا غلط والصواب -إن كان ولا بد- أن تقول: قدر الله أو شاء الله، هذا مع أن من تمام الأدب ألا ينسب مثل هذا إلى الله أيضا على حد قوله تعالى عن إبراهيم: وإذا مرضت فهو يشفين [الشعراء: 80].
والله أعلم.