الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله عباده بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها فقال: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين [سورة البقرة: 238].
ومن المحافظة عليها أداؤها في أوقاتها جماعة في المسجد مع المسلمين، حيث لا يجوز للرجل التخلف عن الجماعة بغير عذر، وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم وأكد على حضور الصلوات في جماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم. رواه البخاري.
ومن هنا، فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة إلا لعذر معتبر شرعا، كالمطر والمرض، ونحو ذلك.
وأما ما حدث كما ذكرت في السؤال فلا إثم عليك في ذلك، لأنك قد فعلت ذلك خطأ وسهوا، وقد تجاوز الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر.
وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [سورة البقرة: 286]. قال: قال الله: قد فعلت.
ولا تنعقد لك عصرا لأنك لم تنوها، بل نويت المغرب كما فهمنا ولا تنعقد صلاة مغرب وهذا ظاهر.
والخطأ أمر طبيعي يحدث لكل أحد ولا يدعو إلى السخرية والاستهزاء، وقد يكون زملاؤك إنما يذكرون ذلك على سبيل المداعبة والمزاح وهم يعلمون أن هذا أمر عادي وقد يحدث لأي منهم في أي وقت، فالمطلوب منك أن لا تضيق من هذا الأمر وتتقبل مزاح زملائك بصدر رحب إلا ما خرج عن حد المزاح والمداعبة المشروعة، فهذا لا يجوز ولك أن تخبر من يفعل ذلك بالحكم وإطلاعه على آداب المزاح المبينة في الفتوى رقم: 10123.
وأن تذكره بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون [سورة الحجرات: 11]، ففي هذه الآية الكريمة نهى الله عن أخلاق ذميمة ثلاثة:
- نهى عن السخرية، وهي الاستهزاء بالآخرين أو التقليل من شأنهم وتحقيرهم، وهذا يخالف الآداب الإسلامية. قال أحد السلف: لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا.
- ونهى عن اللمز وهو العيب، أي لا يعيب بعضكم بعضا، واللمز يكون باليد والعين واللسان والإشارة، وهو الغمز بالوجه مثلا أو تحريك الشفاة بما لا يفهم.
- ونهى عن التنابز بالألقاب، وهو نهي عام في كل لقب يكره المسلم أن ينادى به.
قال الإمام ابن كثير في قوله جل وعلا: بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان أي: بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب،كما كان أهل الجاهلية يتناعتون، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه.
فلا يجوز لمسلم أن يستهزئ بأخيه المسلم بأي وجه كان، وحسب من يفعل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم.
والله أعلم.