السؤال
أقسمت على المصحف بأن يفقد أهلي ويموتوا، وأن أموت ميتة سيئة إذا عدت إلى الذنب.
هل يستجيب الله لدعائي وقسمي؟
أقسمت على المصحف بأن يفقد أهلي ويموتوا، وأن أموت ميتة سيئة إذا عدت إلى الذنب.
هل يستجيب الله لدعائي وقسمي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال يكتنفه شيء من الغموض، والذي فهمناه أنك فعلت أمرين:
أولهما: الحلف على المصحف أنك لا تعود للذنب.
وثانيهما: أنك دعوت الله أن يفعل بك وبأهلك كذا وكذا لو عدت إلى الذنب.
فإن كان هذا هو الواقع فالجواب أن حلفك على المصحف أنك لا تعود إلى الذنب يؤكد ما يجب عليك أصلا من الإقلاع عن الذنب، وعدم العودة إليه سواء حلفت أم لم تحلف، وسواء دعوت على نفسك أم لم تدع، فالواجب عليك التوبة وعدم الرجوع إلى الذنب.
وإذا كنت حلفت بالله -تعالى- أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ألا تعود لذلك الذنب ثم عدت إليه؛ فإنه يلزمك كفارة يمين. وانظر للفائدة الفتوى: 290425
وأما هل يستجاب دعاؤك؟ فالذي يظهر أن الدعاء بأن يفعل الله بك ما ذكرته إن عدت إلى الذنب. الظاهر أن هذا داخل في حد الدعاء على النفس؛ إذ تعليق الدعاء على أمر لا يخرجه عن كونه دعاء. وقد أخبرنا الله في كتابه عن بعض الكفار أنهم دعوا دعاء معلقا على أمر، كما في قوله تعالى: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم {الأنفال: 32}.
فدعاؤك المذكور داخل في حد الدعاء على النفس وعلى الأهل، وهذا منهي عنه شرعا؛ ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه وأبو داوود في سننه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله -تبارك وتعالى- ساعة نيل فيها عطاء، فيستجيب لكم. اهــ.
أي لئلا تصادفوا ساعة إجابة ونيل فتستجاب دعوتكم السوء.
وقد اختلف العلماء في هذا الدعاء هل يستجاب أم لا، فقال بعضهم قد يستجاب بدلالة الحديث السابق، وقال آخرون لا يستجاب.
وقد ذكر القرطبي هذا الخلاف في تفسير قول الله تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم {يونس: 11}.
فقال رحمه الله: واختلف في إجابة هذا الدعاء، فروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إني سألت الله -عز وجل- ألا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه.
وقال شهر ابن حوشب: قرأت في بعض الكتب أن الله -تعالى- يقول للملائكة الموكلين بالعبد: لا تكتبوا على عبدي في حال ضجره شيئا، لطفا من الله تعالى عليه.
قال بعضهم: وقد يستجاب ذلك الدعاء، واحتج بحديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه ... اهـ.
ثم ساق الحديث الذي ذكرناه آنفا.
ونرجو ألا يستجاب دعاؤك رحمة من الله وفضلا، ولو دعوت الله أن يكفيك شر ما دعوت به على نفسك، فذلك حسن.
وقد قال ابن كثير في تفسير الآية: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم {يونس: 11}.
قال: يخبر -تعالى- عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه- لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم. أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك لأهلكهم. اهــ.
فاجتهد ألا تعود لمثل ذلك الدعاء، فربما توافق ساعة الإجابة فيستجاب لك.
والله أعلم.