السؤال
علمت مؤخرا من مواقع كثيرة أجنبية أن بودرة الكاكاو عند تحضيرها يجب أن تخمر عدة أيام.
وبهذه الطريقة يتحول السكر الموجود فيها إلى كحول، ثم حمض الاسيتيك، ولكن لا أعلم جيدا صحة هذه المعلومات، وإذا كان حقا يتحول إلى حمض الاسيتيك أو لا؟
وقد قرأت أن حبيبات الكاكاو يمكن أن تسكر. والذي أعلمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام.
فما حكم أكل بودرة الكاكاو -من غير إضافات- التي أعدت عن طريق التخمير؟
علما أن أغلب الشوكولاتة أعدت بهذه الطريقة؛ لأن التخمير يعتبر أساسيا في تصنيع الكاكاو.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكاكاو شجرة يصنع من ثمرها الشوكولاتة، ومسحوق الكاكاو، ومن المعلوم أن الأصل في النباتات الحل، وأنه لا حرج في تناول النباتات المخمرة ما دامت ليست مسكرة، ولا ضارة.
فالأصل في الأطعمة هو الحل، إلا ما دل الشرع على تحريمه، فقد قال الله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا {البقرة: 29}.
وقال الله تعالى: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين [البقرة:168].
قال ابن المنجى في الممتع شرح المقنع: أما كون الأصل في الأطعمة الحل؛ فلأنها خلقت للانتفاع بها. قال الله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} [البقرة: 29]، وقد نبه على ذلك قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه … الآية} [الأنعام: 145]. اهـ.
ولو أن الكاكاو خمرت فأصبحت فيها نسبة من الكحول، ثم تحولت الكحول إلى حمض الاسيتيك؛ فإنها تطهر عند الاستحالة، كما تطهر الخمر إذا تحولت إلى خل.
قال ابن جزي في القوانين الفقهية: إذا تخللت الخمر من ذاتها؛ صارت حلالا طاهرة، اتفاقا. اهـ.
وما دام الأمر غير محقق، فإن مجرد الشك لا اعتبار به في الطعام؛ لما هو معلوم عند الفقهاء أن الطعام لا يطرح بالشك، وأن الأصل في الأطعمة الإباحة إلا إذا تبين خلاف ذلك بدليل يرفع هذا الأصل.
والله أعلم.