السؤال
أقول لأبي: إنني أذهب إلى دروس خصوصية، ولكني لا أفعل، وأدرس بالمنزل بمفردي. هل يمكن أخذ الفلوس بنية أنها بدل مجهودي في المذاكرة، وأصرفها في احتياجاتي الأساسية، حيث إن أبي لا يعطيني ما يكفي لملابسي، وأضطر أن أضع من مصروفي الشخصي؟
وإذا كان هذا حراما، فهل يمكنني أن أعطيه لأمي بدل أبي؛ لأنه لا يعطيها ما يكفي من مصروف البيت، ولا يعطيها أي شيء للمنزل من إصلاحات، وغيرها غير المصروف الذي لا يكفي؟
مع العلم بأن أبي غني للغاية، وغير محتاج.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب خلق سيئ، وكبيرة من كبائر الذنوب، وهو محرم بنصوص الكتاب والسنة، ويعظم إثم الكذب، ويزداد قبحه إذا كان مع الوالدين، ولم يرخص فيه إلا في مواطن محددة، وما ذكرته ليس منها.
والأصل أن مال المرء لايحل إلا بإذنه، وطيب نفسه؛ ففي مسند أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.
وعليه؛ فلا يحل لك أخذ مال والدك بهذه الحيلة، أو بغيرها، إلا إذا كان مقصرا في النفقة الواجبة عليه شرعا من مأكل، ومشرب، وملبس، ونحوها.
وأما النفقة التي لا تلزم الأب؛ كالأمور الكمالية، والترفيهية، ونحو ذلك؛ فلا يجوز لك الأخذ من ماله لأجلها بغير علمه.
وللفائدة راجعي الفتوى: 225808.
والواجب عليك التوبة إلى الله، والتحلل من والدك بطلب السماح منه، أو إرجاع هذا المال إليه، ولو بطريقة غير مباشرة، إن خشيت مفسدة في رده مباشرة.
ولا يجوز إعطاؤه لوالدتك؛ فأنت لا تملكينه، فكيف تتصرفين فيه، وسبيل هذا المال رده لصاحبه.
ووالدتك إن لم تجد ما يكفيها من النفقة الواجبة لها شرعا، فتطالب زوجها بذلك، فإن امتنع أخذت من ماله ما يكفيها بالمعروف، ولو بغير علمه.
جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ولمستحقها -أي: النفقة- الأخذ من مال منفق بلا إذنه، مع امتناعه من دفعها، كما يجوز لزوجته الأخذ من مال زوجها إذا منعها النفقة؛ لحديث هند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وقيس عليه سائر من تجب له. انتهى.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 78348، 310150.
والله أعلم.