السؤال
أنا مدرس، اتفقت مع أحد مديري المعاهد على أن يحضر لي طلابا؛ لأقوم بتدريسهم، مقابل أن يحصل على عمولة عن كل طالب. لم نحدد مدة لهذا الاتفاق، وقد مضى حوالي سنة ونحن على هذا الاتفاق.
الآن، أريد أن أعطيه عمولة عن الطالب الذي يحضره فقط لمدة محددة وليس بشكل دائم. فهل يجوز لي ذلك، أم أن الاتفاق غير محدد المدة يعتبر دائما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أن هذه المعاملة في حقيقتها جعالة، والجعالة من العقود الجائزة غير اللازمة، ولا تلزم إلا بعد إتمام العمل.
وعليه؛ فلا إشكال في جواز فسخ الاتفاق بينك وبين مدير المعهد، أو تعديله على حسبما تتفقان عليه.
قال ابن قدامة عن الجعالة: دعت الحاجة إلى إباحة بذل الجعل فيه، مع جهالة العمل؛ لأنها غير لازمة، بخلاف الإجارة، ألا ترى أن الإجارة لما كانت لازمة، افتقرت إلى تقدير مدة، والعقود الجائزة كالشركة والوكالة لا يجب تقدير مدتها، ولأن الجائزة لكل واحد منهما تركها، فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول عنده، بخلاف، اللازمة. إذا ثبت هذا، فإذا قال: من رد علي ضالتي أو عبدي الآبق، أو خاط لي هذا القميص، أو بنى لي هذا الحائط، فله كذا وكذا. صح، وكان عقدا جائزا، لكل واحد منهما الرجوع فيه قبل حصول العمل. لكن إن رجع الجاعل قبل التلبس بالعمل، فلا شيء عليه، وإن رجع بعد التلبس به، فعليه للعامل أجرة مثله؛ لأنه إنما عمل بعوض، فلم يسلم له. وإن فسخ العامل قبل إتمام العمل، فلا شيء له. اهـ. من المغني.
وقال ابن تيمية في رسالة القياس، وتبعه ابن القيم في أعلام الموقعين: العمل المقصود به المال على ثلاثة أنواع:
أحدها: أن يكون العمل مقصودا معلوما مقدورا على تسليمه، فهذه الإجارة اللازمة.
الثاني: أن يكون العمل مقصودا، لكنه مجهول أو غرر، فهذه الجعالة، وهي عقد جائز ليس بلازم...، فإن عمل العمل استحق الجعل، وإلا فلا.
وأما النوع الثالث فهو: ما لا يقصد فيه العمل، بل المقصود فيه المال، وهو المضاربة. اهـ.
والله أعلم.