السؤال
البكاء في الصلاة عند الشافعية على الوجه الأصح، إن ظهر به حرفان فإنه يبطل الصلاة، لوجود ما ينافيها، حتى وإن كان البكاء من خوف الآخرة.
أما على مقابل الأصح، فلا تبطل الصلاة؛ لأنه لا يسمى كلاما في اللغة، ولا يفهم منه شيء، فكان أشبه بالصوت المجرد.
والسؤال: ما المقصود بالحرفين في كلام الشافعية -رحمهم الله-؟ وكيف يقاس ظهور الحرفين؟ وإذا ظهر صوت بسبب كتمة البكاء، كعلو الصوت بالدعاء في السجود، أو أخذ النفس بطريقة مسموعة بسبب كتمة البكاء، فهل يعد ذلك من المنهي عنه؟
وما المقصود بـ"مقابل الأصح"؟ وهل يجوز الأخذ به؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحرفان المقصودان في كلام الشافعية هما: أي حرفين من حروف الهجاء، مثل: أخ، أح، أم، أهـ، وهكذا.
قال المحلي في شرحه على (منهاج الطالبين للنووي): (فصل: تبطل) الصلاة (بالنطق) عمدا من غير القرآن، والذكر والدعاء على ما سيأتي. (بحرفين)، أفهما أو لا، نحو: قم وعن، (أو حرف مفهم) نحو: ق من الوقاية ... (والأصح أن التنحنح، والضحك، والبكاء، والأنين، والنفخ إن ظهر به) أي: بكل مما ذكر (حرفان - بطلت، وإلا فلا) تبطل به. والثاني: لا تبطل به مطلقا؛ لأنه ليس من جنس الكلام. انتهى.
ومقابل (الأصح) هو: (الصحيح)، ويجوز التعبد لله تعالى بالصحيح؛ إذ غاية ما فيه أنه مقابل المعتمد في المذهب، مع أنه صحيح في نفسه. والتعبير بـ(الأصح): يدل على كون الخلاف بين وجهين لأصحاب الشافعي، مستخرجين من قواعد الإمام ونصوصه، وأن (الأصح) هو: الراجح، وأن مقابله (الصحيح) مرجوح، ويدل التعبير بـ(الأصح) على قوة الخلاف بقوة دليل المقابل.
قال الشرواني في حاشيته على (تحفة المحتاج): إذا تحقق كونهما [الوجهان] من اثنين [من المجتهدين في المذهب] خرج كل واحد منهما من هو أهل للترجيح، فيجوز تقليد أحدهما. انتهى.
والله أعلم.