السؤال
كنت أقوم بتحفيظ القرآن للأطفال في المسجد يومين في الأسبوع بعد صلاة التراويح. فهل يجوز استخدام المسجد لهذا الغرض، خاصة أن مصابيح المسجد تكون مضاءة أثناء ذلك؟ علما بأن إدارة المسجد قد أعلنت مسبقا أن المسجد لا يفتح إلا في أوقات الصلاة، وغالبا ما يكون هذا بناء على تعليمات من وزارة الأوقاف لأسباب أمنية، وليس فقط لتوفير موارد المسجد.
فما حكم استخدامي السابق للإضاءة خارج وقت الصلاة أثناء تحفيظ القرآن؟ علما بأن المسؤول عن الإضاءة كان أحيانا يترك الأنوار مضاءة لفترة أطول من الحاجة، ولم أقم بإطفاء بعضها للأسف!
وفي مرة أخرى، تركت الأنوار مضاءة لأن شخصا كان موجودا في المسجد، ولم ألاحظ إطفاءها، ثم قام إمام المسجد بإطفائها بعد حوالي ساعة، مما جعلني أشعر بالحزن. فهل يجب علي التحلل من إدارة المسجد؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكنني أن أطلب من أبي أن يستسمح لي بدلا مني؛ لأنني فتاة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تبين لنا من خلال أسئلتك أن لديك بعض الوساوس، وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها؛ فإن ذلك هو علاجها.
ثم إن استعمال كهرباء المسجد في غير أوقات الصلاة، يرجع فيه إلى الجهة المسؤولة عن كهرباء المسجد، سواء كانت هي التي أوقفت الكهرباء، أم هي الناظر عليها، أي: المخولة بالتصرف فيها، فإن كانت تسمح بذلك، فإن الأمر مباح، وإن كانت تلك الجهة لا تسمح باستعمال الكهرباء في غير أوقات الصلاة؛ فلا يجوز استعمالها للتدريس، فإن شرط الواقف يعمل به إذا لم يكن فيه معصية الله تعالى.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: شرط الواقف إذا كان غير مخالف للشرع، وليس فيه ضرر بالوقف، ولا بالمستحقين، فإنه يجب اتباعه، ولأن الواقف مالك، فله أن يجعل ماله حيث يشاء، ما لم يكن معصية. انتهى.
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن، لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. انتهى.
ولا إثم عليك في نسيان إغلاق مصابيح المسجد، أو تركها مع وجود شخص في المسجد ينتفع بها.
فقد جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي: (وسئل) عمن وقف على دهن السراج في المسجد، هل يجوز سراجه جميع الليل وإن لم يكن فيه أحد؟
(فأجاب) بقوله: الذي أفتى به النووي أنه إنما يكون جميع الليل إن انتفع من بالمسجد ولو نائما، فإن لم يكن به أحد، ولا يمكن دخوله لم يسرج، لأنه إضاعة مال.
وقال ابن عبد السلام: يجوز إيقاد اليسير من المصابيح ليلا مع خلوه احتراما له، وتنزيها عن وحشة الظلمة، ولا يجوز نهارا، لما فيه من السرف والإضاعة والتشبيه بالنصارى. اهـ.
ولأن هناك شخصا مسؤولا عن إغلاق مصابيح المسجد، كما يظهر من السؤال.
وعلى كل حال؛ فإذا كانت الجهة المسؤولة عن كهرباء المسجد لا تسمح باستعمال الكهرباء للتدريس، فإن عليك طلب السماح منها مباشرة، أو بواسطة أبيك.
والله أعلم.