ضوابط تحمل الإثم والكفارة في موت المريض

0 2

السؤال

لدي أخت كانت مريضة ولم تكن متزوجة. لها أربعة إخوة ذكور. قبل وفاتها، كانت تشكو من مرض الزهايمر، فقام اثنان من أبناء إخوتها الذكور بإرسالها إلى مصحة للعلاج بعلم باقي إخوتها.
كانت المسافة بين المصحة ومكان إقامة إخوتها الأربعة كبيرة، والرعاية في المصحة لم تكن بالشكل المطلوب. لذلك، بحثت لها عن مكان قريب لتكون تحت رعاية أفضل. زرتها في المصحة مرتين: في المرة الأولى كانت حالتها جيدة ولم يظهر عليها أي شيء، وفي المرة الثانية ذهبت لإعادتها إلى شقتها لعلاجها ورعايتها باستخدام مالها، وبمساعدة أمناء من أقاربها.
عندما وصلت إلى المصحة في المرة الثانية، وجدت حالتها قد تدهورت بشكل كبير، فأخذتها وأبلغت الجميع أنني سأذهب بها إلى مستشفى لتلقي الرعاية. ولكنهم رفضوا، وطلبوا مني أن آخذها إلى الشقة لرعايتها. وبالفعل، أحضروا الطبيب، وكتب لها علاجا، ولم يأمر بإدخالها إلى المستشفى.
بعد يومين من بدء العلاج، توفيت أختي دون أن تتحدث بأي شيء. فهل علي وزر في وفاتها؟ رغم أن الجميع كان يريد مصلحتها وتوفير العلاج لها، إلا أنني أشعر بالذنب. فهل أتحمل مسؤولية ما حدث لها بسبب سوء الرعاية أو العلاج؟ وهل علي دية؟ وهل يمكن أن أمنع من ميراثها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرحم أختكم، ولا إثم عليك في وفاتها، ولا يلزمك شيء، فالأصل براءة الذمة.

قال الجويني في كتابه: غياث الأمم: وكل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين. اهـ.

وقال ابن حزم في المحلى: فإن ‌شكت ‌أمات ‌من ‌فعلها أم من غير فعلها؟ فلا دية في ذلك، ولا كفارة، لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شك أمات من فعلها أم لا؟ والأموال محرمة إلا بيقين، والكفارة إيجاب شرع، والشرع لا يجب إلا بنص، أو إجماع، فلا يحل أن تلزم غرامة، ولا صياما، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب. اهـ.

وقال العز بن عبد السلام في كتابه: قواعد الأحكام: فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.

وقال العلوي الشنقيطي في نوازله: فمن تصدى للإفتاء، فليحجم عن الإقدام على إلزام الضمان، إلا بصريح، أو ظاهر، وإلا وجب عليه التمسك بالأصل الذي هو براءة الذمة. اهـ.

ثم إن جمهور العلماء على أن من تعمد ترك إنقاذ معصوم، فإنه لا يترتب على الترك دية ولا كفارة أصلا، كما هو مبين في الفتويين: 144775، 164373

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة