التسوية بين الأولاد.. أحوال الوجوب وعدمه

0 22

السؤال

أمي تفضل أولادها الذكور علينا نحن الإناث في كل شيء، حتى في الطعام. حاليا، نحن البنات متزوجات، لكنها ما زالت تفضلهم، وخصوصا في وهب المال. تتحجج بأننا متزوجات، وأن أزواجنا مسؤولون عنا.
والغريب أنها تمنح المال أيضا لزوجات أبنائها، ولأبنائهم في الأمور الكمالية، حتى أصبحوا يتمادون في الإسراف، لكن في المقابل، تحاسبنا نحن البنات على مبالغ تافهة جدا. فعلى سبيل المثال: إذا أخذت أبناءنا معها، تطلب منا ثمن الحلوى التي تشتريها لهم، بينما تدفع ثمن حلوى أبناء إخوتي.
أحيانا أبكي من قهرها لنا في مواقف، خصوصا أمام زوجات إخوتي. وللأسف أصبحت تفضل زوجات أبنائها علينا نحن البنات، وهذا يظهر جليا. لكنها عندما تحتاج المال، تلجأ إلينا نحن البنات، وخاصة أنا. ولله الحمد، أنا أبرها ولم أرفض لها طلبا، وأمنحها دائما المبلغ الذي تطلبه. لكنها طلبت مني مرة أن أفرض على زوجي بعض طلباتها، ورفضت ذلك.
سؤالي: هل تأثم أمي على تفضيلها للذكور على الإناث؟ وهل يجب أن أنبهها على ذلك، وكيف؟ وهل أكون آثمة بسبب رفضي لطلبها المتعلق بزوجي؟
أحيانا أشعر بالكره تجاهها، وأحيانا أعاتبها ثم أندم لاحقا وأطلب عفوها.
أرجوكم، أنصحوني كيف أتعامل معها بطريقة صحيحة؟ وكيف أكون أمام الله غير مخطئة ولا آثمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا؛ وجوب التسوية بين الأولاد -ذكورهم وإناثهم- في الهبات والعطايا، ما لم يكن لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله. وراجعي الفتوى: 6242.

أما النفقات؛ فلا تجب التسوية فيها بين الأولاد، ولكن المعتبر فيها الكفاية حسب حال الولد. وراجعي الفتوى: 376237.

وعليه؛ فإن كانت أمك تفضل البنين على البنات في الهبات دون مسوغ؛ فهي آثمة، والواجب عليها التوبة والتسوية بين الأولاد، إما بإعطاء البنات مثل ما أعطت البنين، أو برد ما أعطته للبنين.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. انتهى.

وفي حال إصرار أمك على تفضيل البنين على البنات في الهبات دون مسوغ؛ فلك أن تنصحيها بالعدل بين أولادها، وليس ذلك واجبا عليك ما دامت هي لا تعتقد أن التفضيل حرام؛ لأن هذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم. لكن إذا قمت بالنصيحة لها، فلا بد من الرفق والأدب معها، فالنصيحة للوالدين ليست كالنصيحة لغيرهما.

قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى من الآداب الشرعية.

ولا إثم عليك -إن شاء الله- في امتناعك من فرض طلبها على زوجك، وكذا لا إثم عليك -إن شاء الله- فيما تجدينه في نفسك من الكراهية لها بسبب تفضيلها بين أولادها، ما دامت هذه الكراهية لا تحملك على العقوق أو التقصير في حقها، لكن ينبغي عليك أن تجاهدي نفسك وتلتمسي لأمك الأعذار، وتحرصي على برها والإحسان إليها والتودد إليها بالحسن من الأقوال والأفعال، فإن مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة، ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم [فصلت 34]، فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء، فكيف بالأم التي هي أرحم الناس بولدها! وحقها عليه عظيم، وبرها من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة