السؤال
ولدت ابني في الشهر الثامن بناء على رأي الطبيبة، وتعرض لمشاكل صحية كثيرة جدا؛ نتيجة القرار الخاطئ هذا، وظل ثلاثين يوما على جهاز التنفس الصناعي، ثم توفاه الله، فلو لم ألد في هذا التوقيت، وولدته في موعد الولادة الصحيح، فهل كان سيقدر له العيش، أم إنه كان سيموت؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعوضكم خيرا، ويلهمكم الصبر والرضا.
واعلمي أن الصبر على فقد الولد له ثواب عظيم، وأجر جسيم، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة.
قال ابن بطال في شرحه: دليل أن من مات له ولد واحد فاحتسبه، أن له الجنة ... إذ لا صفي أقرب إلى النفوس من الولد. اهـ.
وفي سنن الترمذي، وصحيح ابن حبان عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد.
وأما ما سألت عنه: فلا يعلمه أحد من البشر؛ فالله سبحانه وحده هو الذي يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، جاء في شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي: فإنه سبحانه يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن أن لو كان كيف يكون، كما قال تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: 28]، وإن كان يعلم أنهم لا يردون، ولكن أخبر أنهم لو ردوا لعادوا، كما قال تعالى: {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [الأنفال: 23]. اهـ.
وقال ابن تيمية في جامع المسائل: ومن هذا الباب: أن المقتول يموت بأجله عند عامة المسلمين، إلا فرقة من القدرية، قالوا: إن القاتل قطع أجله.
ثم تكلم الجمهور: لو لم يقتل؟
فقال بعضهم: كان يموت؛ لأن الأجل قد فرغ.
وقال بعضهم: لا يموت؛ لانتفاء السبب.
وكلا القولين قد قاله من ينتسب إلى السنة، وكلاهما خطأ؛ فإن القدر سبق بأنه يموت بهذا السبب لا بغيره.
فإذا قدر انتفاء هذا السبب، كان فرض خلاف ما في المقدور.
ولو كان المقدور أنه لا يموت بهذا السبب، أمكن أن يكون المقدر أنه يموت بغيره، وأمكن أن يكون المقدر أنه لا يموت؛ فالجزم بأحدهما جهل، فما تعددت أسبابه، لم يجزم بعدمه عند عدم بعضها. اهـ.
فنوصيك بالإعراض عن هذه التساؤلات والأفكار التي لا تفيدك شيئا، وقد تفتح عليك أبواب الجزع، والسخط على المقدور.
والله أعلم.