أحكام التفويض بالطلاق

0 22

السؤال

زوجي يرفض تطليقي، ويهجرني، ولا أشعر أني زوجة، ويسيء معاملتي، وأثناء الشجار الدائم بيننا، قلت له: "طلقني"، وقال: "طلقي نفسك إن شئت"، فقلت له في اللحظة: "أنا طالق منك يا فلان ثلاث مرات"، ومرت سنتان ونحن معا في نفس البيت، ولا توجد أي معاشرة، والشقاق مستمر، وأردت أن أرجع له للحفاظ على حقوقي، واشترطت عليه الزواج بعقد جديد، بما أني اعتبرت نفسي طلقت، ولكنه أبى، وفقد أعصابه علي، وأهانني كثيرا.
وعاشرني بعد عشرين شهرا من الطلاق، وخلال السنتين عاشرني مرات قليلة -تعد على اليد الواحدة- وهجرني مرارا، وكدت أصاب بانهيار عصبي لسوء المعاملة، والهجر، وبرود المشاعر، ورفض أن يحضنني لأني كنت كالمنومة من الضغط النفسي، ومرت ثلاث سنوات أخريات وأنا في نفس الوضع، وسألت شيخا في دار للإفتاء، وقال لي: هو زوجك، ولم أكن مقتنعة، وحاولت ثانية أن يتحسن وضعنا، وأن أشعر بالحب، والمعاشرة الزوجية، ولكن هيهات، ولا توجد علاقة في السرير، وينام وحده في حجرة أخرى، وهو إنسان بارد، وأنا مثقلة بتراكم المشاكل وعدم التفاهم، وهو كذلك، وحدثت الكثير من الإهانات، والهجر المستمر، ولكنه يتصرف كأن شيئا لم يكن، وهو معي في نفس البيت، وهو إنسان جاف وبارد، وأنا أحتاج اهتماما، وحبا وأكاد أن أجن، وأشعر بالضرر الشديد علي، وقد وقع علي ضرر في صحتي النفسية والجسمية، استمر أكثر من عشر سنوات، ومنذ ثلاثة أشهر تقريبا أثناء الشجار قال لي: "طلقي نفسك" بعدما قلت له: "طلقني"، وكنا في أشد الغضب، ولكنه عاشرني قبل مرور العدة -إن كان هذا طلاقا حسب التفويض-، فهل أنا مطلقة أم متزوجة؟ وإذا كنت قد طلقت، فهل طلقت مرتين: الأولى منذ عشرين شهرا قبل أن تحدث المعاشرة، والثانية قبل شهرين تقريبا، ولم تكن قد انتهت العدة بعد؟
ثانيا: زوجي لا يعاشرني، ولا يكلمني، ولا يداعبني، ولا يعاملني كزوجة، ويظن أن الزواج هكذا، وهو إنسان ناجح ومحترم، ولكنه يؤذيني نفسيا، ولا أشعر بالراحة معه، رغم أنني لم أعرف شيئا غيره طوال حياتي، وطبيعته هكذا، وهو يقول: إنه يحبني، ولا توجد أفعال تؤكد حبه وشغفه بي، وأشعر أنه ليس زوجا، وأكاد أن أموت دون حب ومودة معاشرة، فهل أنا مطلقة أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننصح بمشافهة أحد العلماء بهذا السؤال، أو مراجعة أحد المراكز الإسلامية؛ حتى يمكن التبين فيما قد يحتاج إلى بيان، والسماع من كل من الزوجين.

وعلى وجه العموم، يمكن أن نفيدكم بما يلي:

أولا: هجر الزوجة إن لم يكن هنالك ما يبيحه، من النشوز، وإساءة معاملتها يتنافى مع ما أمر الله به الزوج من حسن عشرة زوجته، كما في قوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف {النساء: 19}. 

 ثانيا: يجوز للزوج تفويض الطلاق إلى زوجته.

وإذا فوضه إليها، وطلقت نفسها؛ وقع الطلاق، قال ابن قدامة في المغني: الزوج مخير بين أن يطلق بنفسه، وبين أن يوكل فيه، وأن يفوضه إلى المرأة، ويجعله إلى اختيارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه، فاخترنه.

ثالثا: أن المفوضة بالطلاق، لا تملك أن تطلق نفسها إلا طلقة واحدة، إن لم يفوضها بأكثر من ذلك، قال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي: (وليس لها أن تختار أكثر من واحدة، إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك) إذا خيرها وأطلق، فليس لها أن تختار أكثر من واحدة. انتهى.   

رابعا: إن لم تكن الطلقة هي الثالثة؛ فإن الزوج يملك أن يرجع زوجته من غير عقد جديد.

وإن وطئها في العدة، كانت رجعة صحيحة، في قول بعض العلماء.

وإن انقضت العدة، فلا يملك رجعتها إلا بعقد جديد.

وإن عاشرها وهي بائن، فهو آثم، وكذلك الزوجة إن طاوعته، وهي تعلم حرمة ذلك؛ فإنها تأثم، وتراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 293818، 49389. ولمعرفة حكم الطلاق في الحيض، أو في طهر جامع الرجل فيه زوجته، انظري الفتوى: 110547.

خامسا: كما سبق وأن بينا أن على الزوج أن يحسن عشرة زوجته، وله في ذلك أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان أحسن الأزواج لنسائه، كان يداعبهن، ويلاطفهن، ويقبل، ويدخل السرور عليهن، وللمزيد بهذا الخصوص، نرجو مطالعة الفتوى: 134877.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات