أحكام العمولة وطلبها وأخذها وما يُستثنى منها

0 13

السؤال

أنا شريك لاثنين، ولدينا مصنع يصنع لوحات التوزيع والتحكم الكهربائية، ويأتينا العملاء بشكل مباشر، وأحيانا عن طريق وسطاء، ويطلبون عمولة مقابل وساطتهم، والوسيط قد يكون:
1- موظفا عند العميل "مهندسا" مسؤولا عن الدراسات الفنية، والموافقة على العروض الفنية، واستلام اللوحات "الأعمال" من الناحية الفنية، وليس من صميم عمله البحث عن عروض الأسعار، أو إصدار أوامر الشراء.
2- مقاولا خارجيا متعاقدا مع العميل على تركيب أعمال الكهرباء في الموقع، وإبداء المشورة الفنية، واستلام اللوحات نيابة عن العميل.
3- مكتبا استشاريا متعاقدا مع العميل على الدراسة الفنية، واختيار أفضل العروض فنيا، واستلام الأعمال "اللوحات"، ومطابقتها على المواصفات الفنية.
4- مهندسا حرا يدلنا على العميل، ويدفع رشوة أو هدية لكي يرسي علينا المناقصة، مع اشتراطنا له ألا يفعل.
5- موظفا لدى العميل "مهندسا" مسؤولا عن استلام اللوحات فقط.
6- مقاولا خارجيا متعاقدا مع العميل على تركيب اللوحات فقط، وغير مسؤول عن الاستلامات، أو إبداء المشورة الفنية.
فهل هناك قاعدة نستطيع أن نفرق بها بين كون العمولة حلالا أو رشوة أو هدية عمال؟ ولو وقعنا في مخالفة ورسا علينا المشروع بسبب هدية أو رشوة، فهل الربح الناتج عن المشروع سيكون حراما إذا تم العمل على أكمل وجه؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالموظف لدى العميل الذي يعتبر وكيلا عنه في التعاقد على اللوحات أو استلامها؛ لا يجوز له أخذ عمولة، إلا بعلم العميل (الموكل)؛ لأن ذلك يدخل في هدايا العمال، التي تعد نوعا من الغلول ـ أي: الخيانة ـ، وهي ما يهدى للموظف بسبب وظيفته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. رواه أحمد، وصححه الألباني في الإرواء. قال الخطابي في معالم السنن: هدايا العمال سحت، وليس سبيلها سبيل سائر الهدايا المباحة، وإنما يهدى إليه للمحاباة، وليخفف عن المهدي، ويسوغ له بعض الواجب عليه، وهو خيانة منه، وبخس للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله. اهـ.

وإن أخذها الموظف في هذه الحال؛ فهي من حق الموكل؛ لأن حقوق العقد كلها ترجع للموكل لا للوكيل، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه، ففعل، فوهب له المشتري منديلا، فالمنديل لصاحب الثوب. إنما قال ذلك؛ لأن هبة المنديل سببها البيع؛ فكان المنديل زيادة في الثمن، والزيادة في مجلس العقد تلحق به. اهـ.

وإذا طلبها، أو ترتب عليها حصول ما ليس بحق للدافع، كان هذا المال رشوة محرمة، قال الحجاوي في الإقناع: الرشوة ما يعطى بعد طلبه، والهدية الدفع إليه ابتداء، ويحرم على العامل الأخذ فيهما. اهـ. وراجع للفائدة الفتاوى: 8321، 385837، 134980، وما أحيل عليه فيها.

ومتى ما ثبتت حرمة أخذ العمولة، فلا يجوز إعطاؤها؛ فالقاعدة أن: "ما حرم أخذه، حرم إعطاؤه"، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: ‌القاعدة السابعة والعشرون: ما حرم أخذه، ‌حرم ‌إعطاؤه، كالربا، ومهر البغي، وحلوان الكاهن، والرشوة، وأجرة النائحة، والزامر. ويستثنى صور، منها: الرشوة للحاكم ليصل إلى حقه، وفك الأسير، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه ... اهـ. وانظر الفتوى: 218275

وفي قوله: (ويستثنى صور، منها: الرشوة للحاكم ليصل إلى حقه) تنبيه على أن الرشوة إن دفعها الدافع ليأخذ ما هو حق له، أو يدفع بها الظلم عن نفسه؛ فلا حرج عليه، وتبقى الحرمة على الآخذ، وراجع في ذلك الفتوى: 17929

وأما الموظف أو الشخص الذي لا يعتبر وكيلا عن العميل، ولا يدخل ما يتعلق باللوحات في عمله الذي يتقاضى عليه أجرة؛ فلا حرج عليه في أخذ عمولة للدلالة على من يريد مثل هذه اللوحات، ولا حرج على الشركة المصنعة للوحات في دفعها. 

وأما السؤال عن ربح المشروع الذي يرسو على الشركة بسبب رشوة، أو هدية محرمة، فجوابه: أن حكم الربح تابع لحكم العمل ذاته، فما دام عمل الشركة مباحا في ذاته، فأجرته مباحة، ولكن يبقى إثم الرشوة، أو الهدية المحرمة. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة