السؤال
كنت أدرس في أكاديمية لحفظ القرآن الكريم، وكانت تأخذ الكثير من وقتي في البداية، بسبب احتوائها على أوراد للتلاوة، والسماع، والتفسير، والتدبر، بالإضافة إلى الحلقات والسرد. ولكن والدي منعني من الاستمرار فيها. ومع ذلك، ونتيجة لشدة حرصي على الأكاديمية التي ليست كأي أكاديمية أخرى، قررت الاستمرار فيها دون علمه.
رسوم الأكاديمية تبلغ 200 جنيه، بينما مصروفي الشهري 150 جنيها فقط. لذا؛ كنت أمشي بعض المسافات في طريقي إلى الجامعة بدلا من ركوب المواصلات، لأوفر باقي الرسوم، وقد استمررت على هذا الحال مدة ستة أشهر تقريبا.
لكن منذ يومين، وأثناء استماعي لتفسير سورة النساء، ذكر الشيخ أن من يأخذ المال من أهله بحجة دفع رسوم الدروس، ولا يذهب إليها، يعتبر ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، فشعرت بخوف شديد من أن يكون ما أفعله يدخل في هذا الحكم. فهل ما فعلته يعد من أكل أموال الناس بالباطل؟ وإذا كان كذلك، فهل يجب علي أن أخبر أبي بالأمر، أم يكفي أن أعيد المال؟ وما الذي ينبغي علي فعله؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصروف الذي يعطيه الأب لابنته أو ابنه، زائدا على النفقة المعتادة، له حكم الهبة. جاء في الفروق للقرافي نقلا عن عبد الحق المالكي: الزائد على النفقة المتوسطة، إنما هو كهبة. اهـ.
وقد نص بعض أهل العلم على لزوم مراعاة قصد الواهب. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (ولو أعطاه دراهم، وقال اشتر لك) بها (عمامة، أو ادخل بها الحمام)، أو نحو ذلك: (تعينت) لذلك؛ مراعاة لغرض الدافع. هذا (إن قصد ستر رأسه) بالعمامة، (وتنظيفه) بدخوله الحمام، لما رأى به من كشف الرأس، وشعث البدن ووسخه. (وإلا): أي: وإن لم يقصد ذلك، بأن قاله على سبيل التبسط المعتاد؛ (فلا) تتعين لذلك، بل يملكها، أو يتصرف فيها كيف شاء. انتهى. وراجعي للمزيد الفتويين: 463156، 425563.
وعليه؛ فليس لك دفع رسوم الأكاديمية المذكورة من المصروف الذي يعطيك والدك، لا سيما وقد منعك من إكمال الدراسة في هذه الأكاديمية.
فعليك إخبار والدك بذلك، وطلب السماح منه، وإن أردت الاستمرار في هذه الأكاديمية، فحاولي إقناع والدك بمزاياها، وأهمية ما تتعلمين فيها، وما سيناله من الأجر عند الله، فإن أذن لك، وإلا فلا. ولمعرفة حكم ذهاب البنت إلى مجالس العلم إذا منعها أبوها، راجعي الفتوى: 78991.
والله أعلم.