السؤال
تقدمت لخطبة فتاة من مدينتي، فاشترط أهلها أن أوفر لها سكنا في مدينة أخرى قريبة من مدينتنا، فاستأجرت شقة في المدينة الأخرى، وتزوجنا -والحمد لله-، وبعد مرور ستة أشهر على الزواج، اقترحت علي زوجتي أن نعود إلى شقتي في مدينتنا الأصلية؛ وذلك لتوفير النفقات، خاصة أن عملي وعملها في تلك المدينة، فوافقت، وشرعت أنا وهي في الانتقال، فاتهمني أهلها أنني قد خنت الوعد الذي بيننا، وقالوا: إنه لا يجب أن أنتقل إلا بموافقتهم، فهل هذا يعد خيانة للعهد؛ رغم موافقة زوجتي ورضاها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا كانت بالغة رشيدة، فلها الحق في التنازل عما اشترط على زوجها من شروط في مصلحتها؛ فصاحب الحق إن تنازل عنه، سقط، قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: لو شرط لها ألا يسافر بها، فخدعها، وسافر بها، ثم كرهته، ولم تسقط حقها من الشرط، لم يكرهها بعد ذلك على السفر؛ لبقاء حكم الشرط، فإن أسقطت حقها من الشرط، سقط مطلقا، قال في الإنصاف: إنه الصواب. انتهى.
وجاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ قوله: اشتراط الزوجة أو وليها على الزوج ألا يخرجها من دارها، أو من بلدها، شرط صحيح، لازم، يتعين العمل به؛ لما روى عقبة بن عامر مرفوعا: (إن أحق الشروط أن توفوا به، ما استحللتم به الفروج) رواه الشيخان.
وروى الأثرم بإسناده: أن رجلا تزوج امرأة، وشرط لها دارها، فأراد نقلها، فخاصموه إلى عمر -رضي الله عنه-، فقال: لها شرطها.
لكن إن رضيت الزوجة بالانتقال معه؛ فالحق لها، وإذا أسقطته سقط.
وهذه القضية إن كان فيها مخاصمة؛ فترد إلى المحكمة الشرعية بطرفكم لإنهائها، وحسم النزاع بين الخصوم. انتهى.
وما جاء في آخر فتواه ننصح به أيضا، وهو أنه إذا وجد نزاع؛ فالمرجع للجهات المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية.
والأولى بكل حال، التفاهم، والتوافق، والحرص على المحافظة على حسن العشرة بين الأصهار، وتوسيط الأخيار -عند الحاجة لذلك-.
والله أعلم.