السؤال
هل يجوز للأب أن يهب أمواله لأبنائه قبل زواجه من زوجة ثانية، علما بأن زوجته الأولى متوفاة؟
هل يجوز للأب أن يهب أمواله لأبنائه قبل زواجه من زوجة ثانية، علما بأن زوجته الأولى متوفاة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قسمة المال بين الأولاد، سواء قبل أن يتزوج الثانية، أو بعد أن يتزوجها، بشرط أن لا يترتب على الهبة ضياع نفقة واجبة عليه، وبشرط العدل بين أولاده فيها ذكورا وإناثا، لحديث: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقد اختلف أهل العلم في صفة العدل بين الذكور والإناث في العطية، قال ابن عبد البر في الاستذكار: اختلفوا في كيفية التسوية بينهم في العطية، فقال منهم قائلون: التسوية بينهم أن يعطي الذكر مثل ما يعطي الأنثى، وممن قال ذلك سفيان الثوري، وابن المبارك.
قال ابن المبارك: ألا ترى أن الحديث يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سووا بين أولادكم، فلو كنت مؤثرا أحدا، آثرت النساء على الرجال)، وبه قال داود، وأهل الظاهر.
وقال آخرون: التسوية أن يعطى الرجل مثل حظ الأنثيين، قياسا على قسم الله تعالى الميراث بينهم، وممن قال ذلك: عطاء بن أبي رباح، وهو قول محمد بن الحسن، وإليه ذهب أحمد، وإسحاق، ولا أحفظ لمالك في هذه المسألة قولا. اهـ.
والقول المفتى به عندنا هو: القول بالتسوية، لحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا، لفضلت النساء. رواه البيهقي في السنن الكبرى، والطبراني في المعجم الكبير، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ويؤيده رواية مسلم لحديث: واعدلوا بين أولادكم. ففي لفظ له: قاربوا بين أولادكم.
قال النووي في شرحه: (قاربوا بين أولادكم)، قال القاضي: رويناه قاربوا بالباء من المقاربة، وبالنون من القران، ومعناهما صحيح، أي: سووا بينهم في أصل العطاء، وفي قدره. اهـ.
والله أعلم.