السؤال
أنا فتاة ملتزمة بتعاليم الإسلام والحمد لله، والمشكلة أن الوالد هداه الله يريدني أن أواصل تعليمي الجامعي غصبا عني وإني أرفض التعليم الجامعي بشكل نهائي لما فيه من الاختلاط والخروج بدون محرم، علما بأن مكان الجامعة بعيد عن منطقتي حوالي ساعتين بالسيارة، وأنا حاولت معه كثيرا أنا والوالدة لكن لا فائدة مصمم على رأيه، فما الحل فأنا في حيرة من أمري؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الاختلاط بالصورة الموجودة في أكثر الجامعات محرم، ولقد حرم الإسلام اختلاط النساء بالرجال حتى في المواطن التي لا مندوحة لهن عنها، كالسير في الطرقات، فنهى الرسول النساء أن يحققن الطريق، ورخص لهن في حوافه وذلك تجنبا للاختلاط المحرم، وحتى في العبادات المحضة التي يقصد بها التقرب إلى الله لا يختلط النساء بالرجال، فرغب الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة المرأة في بيتها وبين أن صلاتها فيه خير من صلاتها في المسجد الذي يغشاه الرجال، وأمر النساء إن حضرن صلاة الجماعة أن تكون صفوفهن خلف صفوف الرجال، وزيادة في منع الاختلاط بين أن خير صفوف النساء آخرها، وشر صفوفهن أولها (وهو الذي يلي صفوف الرجال)، كل هذا الاحتياط في الصلاة وهي فريضة، فكيف بالجامعات والدراسة فيها؟! ولمزيد بيان راجعي الفتوى رقم: 5310.
وأما والدك فلا يجب عليك طاعته فيما يأمرك به من الخروج للدراسة في الجامعات المختلطة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. ولقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولكن عليك أن تترفقي به، وأن تختاري في إقناعك له أفضل الألفاظ وتتحيني أفضل الأوقات، ولك أن توسطي بعض من له تأثير على والدك كخال أو عم أو نحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 10867 ففيها مزيد بيان.
وإن كان الذهاب إلى الجامعة التي يريد أبوك أن تدرسي فيها يقتضي السفر (حيث إنك ذكرت أن الجامعة تبعد عن منطقتك مسافة تقطعها السيارة في ساعتين) فإن السفر لها بدون محرم سبب آخر لتحريم الذهاب إليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم.
واعلمي أن ما أنت فيه من الابتلاء بأبيك هو مظهر من مظاهر غربة الدين في هذا الزمان، والله المستعان، ولكن أبشري، فإن مع العسر يسرا!! وعليك بالصبر على ما أنت فيه من الامتحان، قال الله تعالى: ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين [العنكبوت:1-2-3]، والدنيا ليست نهاية المطاف، والأجر الجزيل في الآخرة لمن صبر في الدنيا، قال الله تعالى: قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر:10].
والله أعلم.