المفاضلة بين البقاء في المصلى حتى تطلع الشمس، وبين الجلوس مدة أطول في وقتٍ غيره

0 2

السؤال

هل أجر البقاء في المصلى بعد صلاة الجماعة حتى طلوع الشمس لمدة ساعة، أفضل ممن يمكث ساعتين أو ثلاثا، أو حتى دخول وقت الظهر؟ أم إنه لا فرق بينهما؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن الجلوس في المسجد للعبادة والذكر وانتظار الصلاة؛ فيه خير كثير، وفضل عظيم، دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، قال تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب {النور: 36 ـ 38}.

فالجلوس في المصلى حتى تطلع الشمس، سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ثواب القعود في المسجد حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين الحديث المشهور، وأن أجر ذلك يعدل أجر حجة وعمرة تامة تامة، وهذا الحديث حسنه جمع من العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى: 118699.

فإذا صلى المسلم الصبح في جماعة، فمن الأفضل البقاء في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، وإن مكث بعد ذلك ساعتين، أو ثلاث، أو بقي هناك حتى يصلي الظهر، فهذا أعظم ثوابا له، فقد ثبت الترغيب في بقاء المسلم في مصلاه ينتظر الصلاة، فإن الملائكة تصلي عليه، وتدعو له، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ما دام في مصلاه ما لم يحدث، كما أنه في صلاة ما دام منتظرا للصلاة؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة. متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: صلاة في إثر صلاة، لا لغو بينهما، كتاب في عليين. رواه أبو داود، والإمام أحمد في المسند، والبغوي في شرح السنةوحسنه الألباني.

وإن كان المقصود المفاضلة بين البقاء في مصلاه ساعة واحدة بعد الصبح، ثم يصلي ركعتين، وبين الجلوس ساعتين أو ثلاث في غير هذا الوقت كما بين الظهر والعصر -مثلا-؛ فإن الأفضل هو البقاء في المصلى ساعة واحدة بعد الصبح مع صلاة ركعتين، لما ثبت من الترغيب في ذلك، لكن الجلوس في المسجد في أي وقت فيه ثواب عظيم.

ففي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: نعم وقع في رواية لهما (البخاري ومسلم): إذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، أي مدة كون الصلاة حابسة له، بأن كان جالسا لانتظار الصلاة، أما جلوسه بعد الصلاة لذكر أو اعتكاف -مثلا-، فلا يترتب عليه خصوص هذا الثواب، وإن كان فيه ثواب عظيم. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى