السؤال
حلفت أن لا أرتكب معصية، ثم وقعت فيها. فهل يمكنني أن أكفر بالصيام، لأنني أجد صعوبة في إطعام عشرة مساكين؟
كما أنني لا أعرف كيف أرسل الطعام إلى بلد آخر، ولا أعلم إن كان ذلك ممكنا أصلا.
هناك أيضا مشكلة مع والدتي، فأنا أخشى أن تعاقبني إن علمت بالأمر؛ لأنني عندما أخبرتها أنني أريد أن أطعم عشرة مساكين، قالت لي: هذا ليس واجبا! صدقوني، لا فائدة من نصحها، فأنا أعرف طبيعتها، وأخشى أن تتهمني بالتشدد، وتحدث مشكلات بسبب ذلك، لذلك؛ أرى أن الصيام أيسر لي.
وإن كان لا بد من إطعام عشرة مساكين، فهل يجوز أن أطعمهم من وجباتنا المعتادة؟
فمثلا: أحيانا أتناول (برغر) على العشاء، فهل يمكنني شراء عشر وجبات، وأوزعها عليهم؟ وهل يعد حنث اليمين ذنبا مستقلا؟ وهل أكون آثمة مرتين: مرة بسبب المعصية، ومرة بسبب الحنث؟ وإذا تبت من حنث اليمين، لكن لم أتب بعد من المعصية نفسها، فهل تقبل توبتي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعصية يجب تركها سواء حلف المرء على ذلك، أو لم يحلف.
ومن حلف على ترك معصية، فيجب عليه أن يبر في يمينه.
جاء في الموسوعة الفقهية: فاليمين على فعل واجب، أو ترك معصية، كوالله لأصلين الظهر اليوم، أو لا أسرق الليلة، يجب البر فيها، ويحرم الحنث، ولا خلاف في ذلك كما لا يخفى. اهـ.
فإن فعل المعصية أثم، ووجبت عليه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن عجز، صام ثلاثة أيام، وشرط الإطعام أن يكون من أوسط طعام الناس؛ لقوله تعالى: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم [المائدة: 89].
ولا يجزئ الانتقال إلى الصيام إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم.
وعليه؛ فإن كنت تملكين ما يكفي للكفارة، فلست بعاجزة عنها، ويجب عليك إخراجها.
ولا يشترط إطعام العشرة دفعة واحدة، بل يمكنك الإطعام على فترات متقطعة، أو إرسال الكفارة لبلد آخر إن كان ممكنا، وراجعي الفتوى: 132899.
ويمكنك إطعام المساكين من دون علم والدتك، تجنبا لما قد يحصل لك بسبب ذلك، ولا يلزمك إعلامها، إلا إن كان الإطعام من مالها، إذ لا بد من إذنها والحالة هذه.
ولا بأس بإعطاء المساكين من الوجبات المعتادة، بشرط أن تكون وجبتين مشبعتين غداء وعشاء، أو ما مقداره كيلو ونصف من الطعام المعتاد لكل مسكين، وراجعي للمزيد الفتويين: 107772، 74848.
وإن كنت لا تملكين من المال ما يكفي للكفارة، فلا حرج عليك حينئذ في الانتقال إلى الصيام، وراجعي الفتوى: 283708.
وأما بخصوص لحوق الإثم بسبب الحنث، فمن حلف على ترك معصية ثم فعلها، فإنه يأثم لحنثه في اليمين؛ لأنه ترك واجبا، وهو عدم الحنث في اليمين على ترك المعصية، ويأثم لارتكابه المعصية؛ لأن ترك الذنب واجب أصلا، كما هو مبين في الفتوى: 214003.
وأما توبتك من الحنث في اليمين، فلا تغني عن التوبة من المعصية التي ارتكبتها، ومن شروط التوبة الإقلاع عن المعصية، والعزم على عدم العودة إليها، والندم على فعلها، وراجعي للمزيد الفتاوى التالية: 403654، 9302،0.
وننصحك بالإقلاع عن هذه المعصية وغيرها، والمبادرة بالتوبة، فإن الإنسان لا يدري، فقد يبغته الأجل، فيموت وهو على غير توبة.
والله أعلم.