السؤال
أملك بناية مؤجرة بعقود إيجار سنوية، ولكني آخذ الإيجار من المستأجرين كل ستة شهور (الإيجار السنوي على دفعتين تسهيلا عليهم)، فجاءني شخص ليشتري العمارة مني وقد مضى على عقود الإيجار الشهور الستة الأولى، فلو بعت البناية على هذا الشخص الآن هل الدفعة الثانية من الإيجار له أم لي أنا؟
أفيدوني فتح الله عليكم ووفقكم في الدنيا والآخرة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلذلك ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يتم الاتفاق بينكما على أن الأجرة لك فهي لك حينئذ.
الحالة الثانية: أن يتم الاتفاق بينكما على أن الأجرة له فهي له حينئذ، وذلك لأن المسلمين على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما.
والحالة الثالثة: أن لا يتم الاتفاق بينكما على شيء حول ذلك ففي هذه الحالة الأجرة لك إذا كنت قد أخبرت المشتري أن البناية مستأجرة فإن لم تكن قد أخبرته فله الخيار في إمضاء العقد أو فسخه.
قال الأنصاري في أسنى المطالب: (وبيع العين المستأجرة وهبتها والوصية بها لغير المستأجر صحيح) أيضا وإن لم يأذن المستأجر.... (ولا تنفسخ) الإجارة بما ذكر كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة الزوجة وتترك العين بيد المستأجر إلى انقضاء المدة (وللمشتري الخيار) في فسخ البيع (إن جهل) الإجارة بخلاف ما إذا علمها، نعم لو قال علمتها ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة، فأفتى الغزالي بثبوت الخيار له إن كان ممن يشتبه عليه ذلك، والشاشي بالمنع قال الزركشي: والأول أوجه لأنه مما يخفى. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا أجر عينا، ثم باعها، صح البيع، نص عليه أحمد، سواء باعها للمستأجر أو لغيره، وبهذا قال الشافعي في أحد قوليه، وقال في الآخر: إن باعها لغير المستأجر، لم يصح البيع، لأن يد المستأجر حائلة تمنع التسليم إلى المشتري، فمنعت الصحة، كما في بيع المغصوب... وقال أبو حنيفة: البيع موقوف على إجازة المستأجر فإن أجازه جاز، وبطلت الإجارة، وإن رده بطل. ولنا أن البيع على غير المعقود عليه في الإجارة، فلم تعتبر إجازته كبيع الأمة المزوجة. إذا ثبت هذا، فإن المشتري يملك المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة، ولا يستحق تسليم العين إلا حينئذ، لأن تسليم العين إنما يراد لاستيفاء نفعها، ونفعها إنما يستحقه إذا انقضت الإجارة. انتهى.
والله أعلم.