مسوغات إتمام عثمان للصلاة بمنى

0 2316

السؤال

هل جمع الصلاة يكون دائما مرتبطا بالقصر؟ بمعنى: إذا قصرت لسفر أجمع أيضا، وهل العكس صحيح؟ وماهي الأحوال التي يجوز فيها الجمع؟ وما تفصيل القصر والجمع للحاج خلال أيام الحج، سواء كان من أهل مكة أو من خارجها؟ وهل القصر واجب؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لازم القصر في جميع سفره؟
وهل عثمان رضي الله عنه عندما أتم الصلاة في منى اجتهد، وكان اجتهاده خاطئا، لأن حديث الإمام أحمد قد أعله البيهقي بانقطاعه، وفي إسناده عكرمة بن إبراهيم وضعفه.
وما حكم القصر والجمع إذا كنت طالبا أسافر كل يوم تقريبا إلى مدينة أخرى بسبب الجامعة وأعود، هل أقصر وأجمع في هذه المدينة التي أسافر إليها كل يوم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمع ليس مرتبطا بالقصر، ولكن حيث جاز القصر جاز الجمع لا العكس، والقصر إنما يجوز في السفر، أما الجمع فيجوز في السفر والحضر إذا وجد سببه.

ولمعرفة الأحوال التي يرخص فيها بالجمع، نحيلك على الفتوى رقم: 6846 ورقم: 14002.

وأما الحاج فيشرع له الجمع بين الظهر والعصر في عرفات جمع تقديم، فيصلي الظهر والعصر عند أول وقت الظهر، ويشرع له الجمع بين المغرب والعشاء بعد الإفاضة من عرفات جمع تأخير، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا. إلى أن قال جابر: حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا. رواه مسلم. وراجع الفتوى رقم: 10611.

ويسن للحاج من غير أهل منى أن يقصر الصلاة في وقتها بمنى في اليوم الثامن، وفي أيام التشريق، وكذلك في اليوم العاشر إن صلى فيها، أو صلى في مكة وكان من غير أهلها، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة والتابعين.

والقصر في السفر ليس بواجب، وإنما هو رخصة للمسافر تخفيفا عليه من أعباء السفر. وراجع الفتوى رقم: 9910 ورقم: 26730.

وحديث المسند الذي أشار إليه السائل ضعيف كما قال البيهقي وغيره، وقال الحافظ في الفتح: فهذا الحديث لا يصح لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به.انتهى. لذلك تأول العلماء إتمام عثمان للصلاة عدة تأويلات ذكرها الحافظ في الفتح ورد بعضها لبعده أو لكونه مخالفا لما هو أصح منه، ومن تلك التأويلات: أن عثمان كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا، وأما من أقام في مكان أثناء السفر فله حكم المقيم فيتم. ومنها: أن عثمان كان يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر على أمته، وأخذ عثمان بالشدة. وهذا التأويل صححه ابن بطال كما يقول الحافظ، ورجحه جماعة منهم القرطبي. ومنها: أن عثمان صلى بمنى أربعا لأن الأعراب كثروا في ذلك العام، فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع. قال الحافظ: روى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن عثمان أنه أتم بمنى ثم خطب فقال: إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولكنه حدث طغام- يعني بفتح الطاء والمعجمة- فخفت أن يستنوا، وعن ابن جريج أن أعرابيا ناداه في منى يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أول ركعتين، وهذه طرق يقوي بعضها بعضا.انتهى. وبناء على ما تقدم؛ فإن إتمام عثمان للصلاة له ما يسوغه، وإن كان الحديث المشار إليه في المسند ضعيف.

والقصر والجمع في سفرك إلى المدينة التي بها جامعتك جائز إذا كانت هذه المدينة تبعد عن مدينتك مسافة القصر، وهي ما تتجاوز مسافته 83 كيلو مترا فما فوقها إذا لم تنو الإقامة بها أكثر من أربعة أيام على الصحيح. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 28101 و 6107 و 10575 و 2500.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة