السؤال
أنا شاب معتاد على أداء صلاة الفجر في مسجد معين، وسؤالي هو: أيهما أفضل أن أحافظ على الصلاة في هذا المسجد حيث إنه يوجد فيه أناس يعرفونني فأكون بذلك قد حققت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد له أربعون رجلا بالإيمان دخل الجنة، أم أن الأفضل أن أحافظ على أداء الصلاة في مساجد متنوعة حتى لا أكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هنالك أناسا يصلون حتى يقال عنه إنه فلان مصل، فلا يأخذ بذلك من الأجرشيئا، أرشدوني أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأول مسجد تختاره لأداء صلاتك هو المسجد الذي يكون إمامه صحيح القراءة سليم المعتقد صالح العمل والخلق، ثم الذي تكون الجماعة فيه أكثر لأنه كلما كثرت الجماعة تضاعف الأجر لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى.
وكذلك ما كان أبعد ممشى لأن الله يكتب الآثار للماشي إلى المسجد بكل خطوة تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم.
ولما في الصحيحن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد......
أو كان فيه أناس صالحون تستفيد من مجالستهم علما وخلقا ونحو ذلك ولا يعني ذلك ألا تصلي في مساجد أخرى أحيانا، وهذا كله فيما إذا لم يؤد ذلك إلى تعطيل المسجد الأقرب، والشهادة للشخص بالصلاح لا تقتصر بصلاته في مسجد معين، ولكن بذلك وبغيره مما يعرفه الناس عنه من الخير سواء كان من رواد مسجدهم أم لا ما داموا عارفين بصلاحه واستقامته وما دام الشخص لا يعمل ذلك ليقال عنه فهو غير مراء بل ثناء الناس عليه حينئذ تكون من عاجل بشرى المؤمن لأن المؤمنين شهداء الله في أرضه، لما رواه مسلم عن أبي ذر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن. ولما في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: مر بجنازة فأثني عليها خيرا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، قال عمر: فدى لك أبي وأمي مر بجنازة فأثني عليها خير فقلت وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شر فقلت وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض.
وأما إذا كنت لا تستطيع التخلص من الرياء إلا بالصلاة في عدة مساجد فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.