السؤال
اأا مهندس أعمل في السدود والآن نحن بصدد دراسة جدوى لتكلفة خزان ضخم .. وهنالك عدد من المقابر التى ستغمرها مياه النهر بصورة دائمة فهل لا بد من نقل المقابر علما بأنها مجوعة كبيرة من المقابر ربما تصل في مجموعها إلى عشرات الآلاف من القبور ما لا يقل عن مجموع المائة مقبرة ... فهل هنالك فتوى محكمة لإقناع المواطنين بعدم ترحيل هذه المقابر ... الرجاء الافادة المدعمة بالأدلة والأسانيد لشفاء غليل الكل .... ولكم الجزاء الأوفى .... ودمتم في خدمة الاسلام والمسلمين - تنويه الرجاء الاجابة لهذا السؤال بعينه وعدم التوجيه للرجوع لفتاوى أخرى حتى ولو كانت مشابهة ........ علما بأننا قد قمنا البحث في كتب الصحاح والمراجع الإسلامية وأيضا قمنا بمراجعة كل فتاويكم الحالية على الإنترنت.
وما التوفيق إلا من عند الله ... إنه ولي ذلك والقادر عليه ... الرجاء إذا استطعتم إشراك أكبر عدد من العلماء في هذه الفتوى مع ذكر اسمائهم وذكر الوسيلة للرجوع اليهم عند الحاجة في خصوص هذه المسألة.وجزاكم الله خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه القبور قد بليت وصارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، ومنه بناء هذا الخزان، وراجع للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135 ، والفتوى رقم: 10802.
وإن كانت لم تبل، وبقي للموتى أثر من عظم أو غيره، فلا يجوز بناء هذا الخزان، مادام سيؤدي إلى غمر القبور بالمياه، لأن حرمة الأموات كحرمة الأحياء، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته" وقال الإمام الطيبي " إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا"
وأخرج الحاكم والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لرجل رآه جالسا على قبر: "لا تؤذ صاحب القبر" ، قال الصنعاني في شرحه: " نهي عن أذية المقبور من المؤمنين ، وأذية المؤمن محرمة بنص القرآن: { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} (الأحزاب:58)
وأخرج مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر". وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته"
وعنه أيضا، قال: "لأن أطأ على جمرة أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم". رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن،
فإذا كان الوطء على القبور والجلوس عليها ممنوعا، وهو أذى عارض، فلأن يمنع الأذى الدائم الناجم من غمر القبور بصورة دائمة من باب أولى،
ومحل ما ذكرنا من عدم الجواز، ما لم تكن هناك ضرورة لبناء هذا الخزان، فإذا كانت هناك ضرورة، فلا حرج في بنائه على أن يتم نقل الموتى من المقابر ـ متى ما أمكن ذلك ـ دفعا للضرر والأذى عنهم.
والله أعلم.