السؤال
أنا مريضة بالقلب، وقد أردت أن أقوم بمناسك العمرة، ولكن نصحني الأطباء بعدم أداء العمرة؛ لما في ذلك من مشقة على قلبي المريض، ولكني أشتاق كثيرا لزيارة بيت الله الحرام. فهل أستمع لرأي الأطباء، أم أقوم بأداء العمرة؟ وقد قال الله تعالى وقوله الحق: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
أفيدونا، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمرة واجبة مرة في العمر على الراجح من أقوال أهل العلم، وتجب على الفور على الراجح أيضا، وعليه، فيلزمك الذهاب إلى العمرة إن كنت تستطيعين ذلك، وإن كنت لا تستطيعينه لمرض غير مزمن، فانتظري الشفاء، ثم إذا شفيت فعليك أن تبادري بأداء العمرة إن كنت لم تؤدي العمرة من قبل، لأنها واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله، كما قدمنا، وهو الأظهر عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة... قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين": الحج هو فرض وكذا العمرة في الأظهر.
وقال المرداوي في "الإنصاف": والعمرة إذا قلنا تجب، فمرة واحدة بلا خلاف، والصحيح من المذهب أنها تجب مطلقا أي على المكي وغيره، وعليه جماهير الأصحاب. اهـ.
وإن كان المرض مزمنا، فإنك تنيبين من يعتمر عنك، والمرجع في تحديد المرض المزمن هم الأطباء، فإذا قرر طبيب مسلم ثقة أن مرضك مزمن، وأن ذهابك سيضرك ويزيد في مرضك، فالأولى عدم الذهاب، وعدم تعريض النفس للهلكة.
أما إن كنت اعتمرت من قبل، وأصبحت العمرة تطوعا في حقك، فالأمر سهل، ولا ينبغي أن تشقي على نفسك أو تحمليها ما قد يترتب عليه ضرر في أمر غير واجب.
وأما قول الله جل وعلا: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا [لتوبة: 51]، فإنه حق، ولكن الله تعالى أمرنا بالحذر من أسباب الهلاك، ورخص لنا فيما لا نقدر عليه، ومن ذلك الحج والعمرة. قال الله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران: 97].
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم.
فالواجب على المسلم أن يأخذ بكل الأدلة الشرعية ولا يضرب بعضها ببعض دون علم ومعرفة.
والله أعلم.