السؤال
سؤالي لفضيلتكم عن زوج مسلم وزوجته غير مسلمة وله منها ولد وبنت الولد على دين أبيه أما البنت فعلى دين أمها - مسيحية - وقوانين البلد التي يعيشون فيها تقسم الورثة بين الأم والابن والبنت علما أنه طلق زوجته وما نعلمه أن الكافر لا يرث المسلم فهل عليه أن يوصي بممتلكاته لابنه أم أنه يترك الأمور تقسم بين الورثة كما هي القوانين المعمول بها في بلده الذي يقيم فيه؟ وهل يأثم في حالة حرمة إرث زوجته وابنته أم لا؟ أجيبونا بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمهور أهل العلم على أن الولد يحكم بإسلامه إذا أسلم أحد أبويه، والاتفاق على الحكم بإسلامه إن أسلما معا أو كان الأب هو المسلم، قال عبد الرحيم العراقي في طرح التثريب: فإن كانا مسلمين فمسلم، وقد أجمع المسلمون على ذلك، إنما اختلفوا فيما إذا أسلم أحد أبويه، فقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والجمهور يتبع أيهما أسلم، سواء كان هو الأب أو الأم.
وقال مالك: يتبع أباه خاصة دون أمه، حتى لو أسلمت أمه وأبوه كافر استمر على الحكم له بالكفر. (7/233).
وإذا ارتد الصبي العاقل، فإنه لا يعطى شيئا من الإرث. قال في شرح التلويح على التوضيح: إذا ارتد الصبي العاقل أو استرق، فإنه لا يستحق الإرث.
ومفهوم العاقل أن غير العاقل بسبب الصغر أو الجنون لا يحرم من الإرث وهو كذلك عند أهل العلم.
وعليه؛ فالبنت المذكورة محكوم عليها بالإسلام، ولكنها إذا تركته وهي عاقلة، فإنها لا تستحق الإرث، وأما أمها فهي لا تستحقه بالاتفاق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم. رواه الأربعة من حديث أسامة بن زيد.
وإذا كان الأب المذكور لا يستطيع أن يحفظ لابنه حقه هذا إلا بالوصية له بالمال، فالواجب أن يوصي له به، لأن القاعدة: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والأصل أن الوصية للوارث باطلة، ولكن الموضوع هذا لا يعتبر وصية، وإنما تحايل على أن يصل الحق إلى صاحبه.
وإذا قلنا بوجوب الإيصاء المذكور، فإن الأب إذا علم أن الحق لا يصل إلا به وفرط في الإيصاء، فإنه يأثم، لأن ترك الواجب لا يجوز إلا للعاجز عنه.
والله أعلم.