السؤال
عندي بقر وأريد تلقيحه فما هو حكم الشرع في ذلك والتلقيح يكون بمقابل، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا، لي ملاحظة: بعثت أكثر من سؤال ولم يتم الرد نرجو أن يكون المانع خيرا؟
عندي بقر وأريد تلقيحه فما هو حكم الشرع في ذلك والتلقيح يكون بمقابل، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا، لي ملاحظة: بعثت أكثر من سؤال ولم يتم الرد نرجو أن يكون المانع خيرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود بتلقيح البقر بمقابل: أن يدفع صاحب البقر ثمنا، لضراب الفحل، فلا يجوز ذلك عند عامة أهل العلم، لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن عسب الفحل. رواه أحمد والبخاري، وعسب الفحل هو ضرابه.
وأما إذا كان المقصود بتلقيح البقر: استئجار الفحل للقاح الأنثى، فقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك، فذهب جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى عدم جواز إجارة الفحل للضراب، للحديث السابق وما جاء في معناه من الأحاديث، وذهب المالكية: إلى إنه يجوز إجارة الفحل للضراب، وقيدوا الجواز بما إذا كان الاستئجار لزمان معين كيوم أو يومين، أو لمرات معينة كمرتين أو ثلاث، ولا يجوز استئجار الفحل للضراب إلى حمل الأنثى.
والراجح لدينا هو ما ذهب إليه الجمهور لعموم الأحاديث القاضية بالنهي عن عسب الفحل، قال الكاساني: قد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن عسب الفحل. ولا يمكن حمل النهي على نفس العسب، وهو الضراب ، لأن ذلك جائز بالإعارة، فيحمل على البيع والإجارة، إلا أنه حذف ذلك وأضمره فيه؛ كما في قوله تعالى: واسأل القرية.
وهذا أيضا ما رجحه ابن رشد المالكي في كتابه "بداية المجتهد" فقال رحمه الله: وأما إجارة الفحول من الإبل والبقر والدواب، فأجاز مالك أن يكري الرجل فحله على أن ينزو أكواما معلومة، ولم يجز ذلك أبو حنيفة ولا الشافعي، وحجة من لم يجز ذلك ما جاء من النهي عن عسيب الفحل، ومن أجازه شبهه بسائر المنافع، وهذا ضعيف لأنه تغليب القياس على السماع.
وإذا تقرر هذه فننبه إلى مسألتين:
الأولى: أنه إذا بذل إنسان فحله لإطراق بقر غيره مجانا بغير مقابل فأهدى له رب البقر هدية، أو أكرمه تكرمة من غير شرط جاز ذلك، لأنه فعل معروفا، فجازت مجازاته عليه.
الثانية: أنه إذا احتاج الإنسان إلى تلقيح بقره ولم يجد من يبذل له ذلك مجانا جاز له أن يستأجر فحلا، والإثم في ذلك على رب الفحل.
قال في كشاف القناع: (ولا يجوز استئجار الفحل للضراب) لنهيه صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل متفق عليه، والعسب إعطاء الكراء على الضراب على أحد التفاسير... (فإن احتاج) إنسان (إلى ذلك ولم يجد من يطرق له) دابته مجانا (جاز له) أي لرب الدابة (أن يبذل الكراء)، لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها، فجاز (كشراء الأسير ورشوة الظالم ليدفع ظلمه ويحرم على المطرق) وهو رب الفحل (أخذه) أي العوض للنهي السابق، (وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط فأهديت له هدية أو أكرم بكرامة لذلك، فلا بأس)، لأنه فعل معروفا فجازت مجازاته (عليه...).
والله أعلم.