حكم الالتفات في السلام وقول السلام عليهم

1 357

السؤال

أفتونا مأجورين...
إذا كان الفقهاء اتفقوا على ركنية ووجوب التسليم لتحلل من الصلاة؛ فلماذا ذهب بعضهم كما في (المجموع، والمغني وغيرهما) إلى سنية الالتفات حال التسليم؛ فما هو الدليل الصارف عن ركنية ووجوب الالتفات؟ بغض النظر إلى هيئة الالتفات أكان تسليمتين أوتسليمة واحدة...؟
وهل صحيح أن قول \"السلام عليهم\" كما ذهبت الشافعية غير مبطل للصلاة لأنه دعاء لغائب؛ وإن قاله المصلي عمدا؟ أم أن ذلك مبطل لها؟
وجزاكم الله خيرا....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن لفظ السلام ركن من أركان الصلاة، وذهب الحنفية إلى أنه واجب وليس بركن فالخروج من الصلاة عندهم يكون بالسلام , ويكون بغيره من كل عمل أو قول مناف للصلاة، ومن فعل ذلك  فقد تمت صلاته ولو لم يتلفظ بالسلام، قال الكاساني في بدائع الصنائع:  لفظة السلام ليست بفرض عندنا ولكنها واجبة, ومن المشايخ من أطلق اسم السنة عليها وأنها لا تنافي الوجوب لما عرف, وعند مالك والشافعي فرض حتى لو تركها عامدا كان مسيئا  ولو تركها ساهيا يلزمه سجود لسهو عندنا, وعندهما لو تركها تفسد صلاته.

وعد جمهورالعلماء السلام ركن من أركان الصلاة لورود الأدلة بذلك ومنها ما رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

 وهو متحقق باللفظ دون الالتفات فلا تلازم بينه وبين الالتفات حتى يقال ما هو الدليل الصارف عن ركنية ووجوب الالتفات

وعليه فلولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت في سلامه لما صح القول بسنية الالتفات في السلام ولكنه قد صح أنه صلى الله عليه وسلم فعله ففي صحيح مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده. ومجرد الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الركنية، كما هو مقرر في كتب الأصول.

وأما قول المصلي السلام عليهم قاصدا به الدعاء أو الدعاء والرد على من سلم عليه فغير مبطل للصلاة لأنه لا خطاب فيه للغير ولا هو من كلام الناس قال النووي في المجموع - مبينا حقيقة الكلام الذي تفسد به الصلاة -  ما سوى القرآن والذكر والدعاء ونحوها فأما القراءة والذكر والدعاء ونحوها فلا تبطل الصلاة بلا خلاف عندنا  ودليله ما رواه مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال النووي رحمه الله أيضا  فلو رد السلام أو شمت العاطس بغير لفظ خطاب فقال : وعليه السلام أو يرحمه الله  لم تبطل صلاته باتفاق الأصحاب ; لأنه دعاء محض.

وهذا  -أعني ما ذهب إليه الشافعيه- هو الظاهر لنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة