السؤال
هذه الأيام سيتم توسيع المسجد إلا أن بعض هذه التوسيعات غير ضرورية ومكلفة بجانب أنها سوف
تمثل جدارا على أصحاب البيت الملاصق للمنزل، أنا أشرت على مجلس إدارة المسجد بضرورة استئذان أهل هذا البيت قبل إنشاء هذه التوسيعات الزائدة والمكلفة، فقد قرأت حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم معناه أنه يجب علينا استئذان جيراننا قبل أن نرفع جدارا عليهم في البناء، ولكن قوبلت مشورتي ببعض اللامبالاة خاصة وأنني لم يكن لدي نص وإسناد الحديث، وأنا لا أحب أن يبنى بيت من بيوت الله على حساب أحد خلقه وخاصة أنها أسرة مسلمة، "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد كمن آمن بالله" فالمسلم أكثر حرمة عند الله من المسجد، المهم الآن أني أرجو منكم إرسال نص وإسناد هذا الحديث ولا مانع من أن تبدوا رأيكم في قضيتي وأن تشيروا علي بما ترونه خيرا، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم؟ وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز أن يوسع المسجد إذا ألحق ضررا بجيرانه إلا أن يأذنوا أو يعوضوا تعويضا عادلا، وإن كانت التوسعة ضرورية فإنه يوسع ولو كرها على جار المسجد.
جاء في البحر الرائق: وإن جعل شيء من الطريق مسجدا صح... يعني إذا بنى قوم مسجدا واحتاجوا إلى مكان ليتسع فأدخلوا شيئا من الطريق ليتسع المسجد وكان ذلك لا يضر بأصحاب الطريق جاز ذلك، وكذا إذا ضاق المسجد على الناس وبجنبه أرض لرجل تؤخذ أرضه بالقيمة كرها، لما روي عن الصحابة رضي الله عنهم لما ضاق المسجد الحرام أخذوا أرضين بكره من أصحابها بالقيمة وزادوا في المسجد الحرام. انتهى.
وأما الحديث المشار إليه فهو ما رواه أبو الشيخ ابن حبان في حقوق الجار وفيه: ولا تطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه. والحديث قال عنه الألباني ضعيف جدا، كما في ضعيف الترغيب والترهيب، وقال الحافظ ابن حجر: إن سند الحديث واه (يعني ضعيفا ضعفا شديدا). وأيضا ضعفه العراقي في تخريج الإحياء.
ولما كان الحديث لا تقوم به حجة اختلف أهل العلم هل للجار أن يحدث بناء ولو أدى إلى سد الفضاء أو حجب الريح والنور عن جاره أم لا؟
جاء في تبصرة الحكام: فصل: وأما إحداث بناء يمنع الضوء والشمس والريح فاختلف فيه هل يمنع أم لا؟ وفي المتيطية: لا يمنع إلا أن يكون أظلم عليه. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: وليس له أي الجار منعه أي منع جاره من تعلية دار ولو أفضى إعلاؤه إلى سد الفضاء عنه... وقد احتج أحمد بالخبر: لا ضرر ولا ضرار. فيتوجه منه منعه. انتهى.
وجاء في حاشية الدسوقي: لا يقضى بمنع بناء مانع ضوء وشمس وريح عن جاره، هذا هو المشهور، ومقابله... أن يمنع من مانع الضوء والشمس والريح. انتهى.
والراجح في المسألة -والله أعلم- أن ينظر إن كان الجار سيتضرر تضررا حقيقا فيمنع من إحداث بناء، وإن لم يتضرر فلا يمنع لعموم حديث: لا ضرر ولا ضرار.
وبخصوص سؤال الأخ السائل، فإننا نقول: إنه لا يلزم إدارة المجسد استئذان صاحب البيت، وليس له منعهم من توسعة المسجد، لأن هذه التوسعة لا يتصور أن تمنع عنه الشمس ولا الريح ولا الضوء، بمعنى أنه لن يتضرر.
والله أعلم.