السؤال
لي صديق كان يحاور أباه في أمر النصارى فبينما هو محتد فقال وما النصارى هل تظن أن دينهم هذا حق وأن نبيهم نبي... ثم ندم على ذلك في نفس المجلس وقال لأبيه إنه كان يقصد أنه ليس النبي الخاتم وليس النبي المفروض اتباعه الآن، فهل هذا من الكفر بالرسل (هو لم يكن يقصد ما تفوه به)، وهل هو كفر مخرج من الملة يعني هل يجب عليه الغسل والشهادة، أم تكفيه التوبة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإيمان بالرسل وتوقيرهم وتنزيههم عن السب والاستهزاء ركن من أركان الإيمان، قال الله تعالى: قولوا آمنا بالله ومآ أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون {البقرة:136}.
وقد اتفق العلماء على أن من سب نبيا من الأنبياء أو عابه أو ألحق به نقصا أو عرض به أو قلل من شأنه فهو كافر، قال إسحاق بن راهويه: أجمع المسلمون أن من سب الله أو رسولا من رسله أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا من أنبياء الله أنه كافر بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله. انتهى.
قال في منح الجليل: وحكم من سب أنبياءه تعالى وملائكته أو استخف بهم أو كذبهم أو أنكرهم حكم من سب نبينا. انتهى.
وأما قوله (إنه لم يقصد ما تفوه به) فإن من فعل الكفر أو تكلم به كفر وإن لم يقصده، قال ابن تيمية في الصارم المسلول: فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا؛ إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله. انتهى.
قال أبو محمد بن حزم في الفصل: كل من ينطق بالكلام الذي يحكم لقائله عن أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارئا ولا شاهدا ولا حاكيا ولا مكرها فقد شرح بالكفر صدرا. انتهى.
وبناء على ما تقدم.. فإن ما تلفظ به هذا الشخص يتضمن ظاهرة نفي نبوة عيسى عليه السلام، وذلك من الكفر الأكبر المخرج من الملة، فإن كان هذا الشخص يقصد هذا الظاهر فقد كفر، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويشهد شهادة الحق، ويجب عليه الاغتسال عند من يقول بوجوبه، وإن كان لا يقصد ظاهر هذا وإنما يقصد حقيقة ما ادعاه، فإنه لا يكفر بذلك، ولكنه أساء الأدب وتلفظ بلفظ موهم يجب عليه الابتعاد عنه مع التوبة النصوح وكثرة الاستغفار والأعمال الصالحة.
والله أعلم.