السؤال
حكايتي أني كنت في علاقة زنى مع زوجة أخي تواصلت أكثر من سنتين دون أن يعلم بها أحد إلا الله ونحن الاثنان. وانتهت هذه العلاقة منذ مدة سنة وكنت أنا من قطعها لأني تواجدت في بيئة تخشى الله فعرفت فداحة ما كنت أقترف فهل لي من توبة وهل إن حبي لها إلى حد الآن رغم ما فعلته لأبعدها عني يعني أن توبتي غير تامة أرجوكم دلوني. وجازاكم الله عن المسلمين خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا من كبائر الذنوب، وهو فاحشة مقيتة، قال تعالى: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الاسراء:32}، ويكون الذنب أعظم والجرم أشد إذا كان الزاني محصنا (أي: متزوجا)، ولهذا كانت عقوبته الرجم بالحجارة حتى الموت، وعقوبة البكر ( أي: العزب) جلد مائة، قال تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله {النور: 2}. وإن من أعظم الزنا ـ الزنا بحليلة الجار، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: أن تزاني حليلة جارك، هي بالحاء المهملة وهي زوجته، سميت بذلك لكونها تحل له، وقيل: لكونها تحل معه، ومعنى تزاني أي تزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنى وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني وذلك أفحش، وهو مع امرأة الجار أشد قبحا وأعظم جرما لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويطمئن إليه، وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه، فإذا قابل هذا كله بالزنى بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن غيره منه كان في غاية من القبح.
ولا شك أن حق الرحم أولى من حق الجار، وإن الزنا بامرأة أخيك أعظم من الزنا بغيرها، وانظر الفتوى رقم: 3335. هذا، وإن الواجب عليك التوبة النصوح، وعقد العزم على عدم العودة لذلك أبدا، وأن تندم ندما شديدا على ما فرطت في جنب الله، وأن تكثر من عمل الصالحات، لأن الحسنات يذهبن السيئات. ولا تقنط من رحمة الله تعالى، فإن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ولا تجعل للشيطان سبيلا على قلبك، فقد قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم*وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون {الزمر: 53ـ54}. هذا، وإن حبك لهذه المرأة وتعلق قلبك بها إذا كان عن غير قصد واسترسال فيه لا يعني أن توبتك غير تامة، بدليل أنك تركت الفاحشة معها مختارا، ولكن استمرارك في التفكير فيها قد يجرك إلى الحرام مرة أخرى، فأخرج هذه المرأة من قلبك، واستعن بالله على نسيانها وادعه كثيرا، وتحر في دعائك أوقات الإجابة.
ولقد ذكر الإمام ابن القيم علاجا لداء العشق، انظره في الفتوى رقم: 9360، فهو علاج ناجع لحالتك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.