السؤال
سؤالي: هل يقبل الله الدعاء من شخص فاجر ويرتكب الآثام فقد علمت أن شخصا يرتكب الفاحشة ولا يقدر على تركها مع علمه بآثامها وأنه يدعو الله كثيرا لأمور معينة وقد استجاب الله له ما طلب من حاجات؟ وشكرا.
سؤالي: هل يقبل الله الدعاء من شخص فاجر ويرتكب الآثام فقد علمت أن شخصا يرتكب الفاحشة ولا يقدر على تركها مع علمه بآثامها وأنه يدعو الله كثيرا لأمور معينة وقد استجاب الله له ما طلب من حاجات؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله يستجيب دعاء المضطر والمظلوم، وإن كان الداعي كافرا أو فاجرا، قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون [سورة النمل: 62].
وذلك لما يكون عليه المضطر والمظلوم من الذل لربه والافتقار إليه، فلكرم الله لا يرد من حالته هذه خائبا.
قال الإمام القرطبي في تفسيره: ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، أخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجوء ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وجد من مؤمن أو كافر طائع أو فاجر، كما قال تعالى: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. وقوله: فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون. فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم، ومع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم، وقال تعالى: فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فيجيب المضطر لموضع اضطراره وإخلاصه. انتهى
وقال الإمام القرطبي أيضا: وخرج الآجري من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر. فيجيب المظلوم لموضع إخلاصه بضرورته بمقتضى كرمه، وإجابة لإخلاصه وإن كان كافرا، وكذلك إن كان فاجرا في دينه، ففجور الفاجر وكفر الكافر لا يعود منه نقص ولا وهن على ملكة سيده، فلا يمنعه ما قضى للمضطر من إجابته. انتهى
وقد يكون توالي النعم على الكافر والفاجر استدراجا من الله، قال تعالى: والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين [سورة الأعراف: 182-183].
قال الضحاك: كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة!! وقال الأزهري: سنأخذهم قليلا قليلا من حيث لا يحتسبون.
وقال الحافظ ابن كثير: ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين انتهى
وفي البخاري مرفوعا: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه.
هذا، وإن الواجب على من ابتلي بفعل الفواحش ن يبادر إلى التوبة، فالموت يأتي بغتة، وحينها لا ينفع الندم، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا [سورة التحريم: 8].
وقال أيضا: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون [سورة النــور: 31].
وإن ادعاء أن شخصا غير قادر على ترك المعصية ادعاء باطل، فإن الذي أمرنا بالتوبة ورغبنا فيها لا يأمرنا إلا بما نستطيع، قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [سورة البقرة: 286]. فليحذر العاصي من تلبيس الشيطان والاستسلام لهوى النفس، وليجاهد نفسه.
والله أعلم.