السؤال
ورد في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث حق على الله عونهم.. فذكر منهم: الناكح الذي يريد العفاف)، فهل هذا الحديث ينطبق على الذكور والإناث أي لو أرادت الفتاة العفة بالحلال .. هل يسهل الله لها أمرها وهي غير قادرة على البوح بهذا الأمر.. لأن المتعارف عليه أن الشاب هو الذي يصرح برغبته بالزواج .. فهل هذا الحديث يشمل الذكور والإناث على حد سواء.. وهل يفضل للفتاة أن تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يرزقها الزوج الصالح أم أن الأمر فيه حياء من الله تعالى، وماهي الأدعية المحبذة في مثل هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصاحب الحاجة يسأل مولاه حاجته مهما كانت، ومن أهم الأشياء بالنسبة للمسلم الزواج، فينبغي للمسلمة أن تسأل الله أن يرزقها الزوج الصالح.
وقد كان السلف الصالح يسألون الله كل شيء حتى شسع النعل، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي.
وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم [غافر: 60].
ولكن لا يوجد دعاء مأثور خاص بهذه المسألة لكن الأدعية الكثيرة من الكتاب والسنة الجامعة لخيري الدنيا والأخرة تشمل هذه المسألة مثل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر، اللهم أني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم... إلى غير ذلك من الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة وهي موجودة في كتب الأذكار، ثم إن للمسلم أن يدعو بما شاء مما أحب ولو لم يرد مضمونه صريحا في الأدعية المأثورة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي والإمام أحمد في المسند وغيرهما. الظاهر والله أعلم أنه عام يشمل كل من أراد بنكاحه العفاف من الذكور والإناث فحق على الله تعالى أن يعينه، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: (باب ما جاء في المجاهد والمكاتب والناكح وعون الله إياهم قوله (ثلاثة حق على الله عونهم) أي ثابت عنده إعانتهم أو واجب عليه بمقتضى وعده معاونتهم (المجاهد في سبيل الله) أي بما يتيسر له الجهاد من الأسباب والآلات (والمكاتب الذي يريد الأداء) أي بدل الكتابة (والناكح الذي يريد العفاف) أي العفة من الزنى.
قال الطيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها وأصعبها العفاف، لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. انتهى
وكما يحتاج الرجل إلى الإعانة من الله تعالى على قمع شهوته وكبح غريزته فكذلك المرأة، فإذا قصد كل منهما بنكاحه أن يعف نفسه أعانه الله تعالى.
والله أعلم.