السؤال
سؤالي هو : أني قبل سنوات استخدمت خادمة مسلمة، وكانت كثيرا ما تسبب لي المشاكل والخسائر في البيت ، كما أنها لم تكن تؤدي واجبها كما يجب وكانت كثيرة الخداع والكذب، لم أستطع أن أنهي كفالتها والسبب أني قد كفلت قبلها الكثيرات ولكنني لم أبقهن لسوء أخلاقهن ،،، المشكله هنا هي أني كنت من شدة غيظي منها أضربها، ولم يكن الضرب هو الوسيلة الوحيدة التي أستخدمها معها فالضرب كان آخر شيء ألجأ إليه بعد أن أنصحها في الأمر وأنهاها عنه ،،، وفي مرة من المرات ومن شدة غيظي ضربتها بشيء حاد وأصاب المنطقة التي بين أنفها وعينها، اجتهدت في شراء الأدوية لها حتى يخف الورم وضمدت جرحها وعينها،، كما أني طلبت منها أن ترتاح من عمل البيت علما أنني امرأة ولي طفلان فقط في البيت ،،،، وبعد أن أزلنا عنها الضماد اكتشفت أنها لا تستطيع أن ترى ،،، حزنت كثيرا وندمت وقمت بفحصها في عدة عيادات وشراء العديد من الأدوية لها ،،، ولكن بدون فائدة ،،، لذلك قمت بتخيرها بين أن تعمل معي وأعطيها أجرا زيادة على أجرها أو أن أعطيها مالا وترحل إلى ديار أهلها ،،، ولكنها فضلت أن ترحل إلى ديار أهلها ،،، أنا أحس بالندم الشديد لم أكن أتعمد أن أتسبب لها بعاهة كما أني قبل سفرها جعلتها ترتاح كثيرا وأعطيتها مبلغا من المال الذي يعتبر أضعاف أجرها الذي تستحقه ،،،، وسؤالي هل يبقى علي إثم تجاهها مع العلم أني أملك الآن عنوانها وأحاول أن أرسل لها مبلغا من المال كل ما أستطيع ذلك ،،،، أخبروني أرجوكم فأنا شديدة الخوف مما اقترفت يداي وهل سيغفر لي ربي وكيف ممكن أن أتصرف ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك أخطأت خطأ كبيرا لما ارتكبته من كثرة ضرب هذه المسكينة، ولتعمدك وجهها بالضرب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه. متفق عليه. وهذه الجناية التي جنيتها عليها يلزمك فيها القصاص، لأنها جرح عمد لمن هي مكافئة لك في الحرية وفي الإسلام، قال تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص {المائدة: 45}. فالواجب لها عليك هو أن يقتص لها منك بمثل ما فعلت لها وبكيفية تذهب بصرك. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وإن أذهبه بموضحة وكذا بلطمة تذهب الضوء غالبا اقتص بمثل فعله، فإن لم يذهب أذهبه بكافور أو نحوه، فإن لم يمكن إذهابه إلا بإذهاب الحدقة سقط القصاص ووجبت الدية. وقال خليل: وإن ذهب كبصر بجرح اقتص منه فإن حصل أو زاد وإلا فدية مالم يذهب. وهذا متفق عليه عند أهل المذاهب كلها، وعليه فإن أمكن إذهاب بصرك مع بقاء العينين فالواجب فعله، وإن لم يمكن ذلك وجب لها عليك دية البصر، وهي قدر دية النفس، قال خليل: والدية في العقل أو السمع أو البصر أو النطق أو الصوت أو الذوق... أي أن الدية تلزم كاملة في إذهاب أي واحد من هذه الأمور من شخص. ومن حق هذه الخادمة أن تعفو عنك مقابل شيء أو دون مقابل. ولك أن تصطلحي معها على الدية أو أقل أو أكثر. قال خليل: وجاز صلحه في عمد بأقل أو أكثر. ... والحاصل أن هذه الخادمة قد استحقت عليك ما ذكرناه، من قصاص أو دية عند تعذر القصاص، فإن رضيت منك بغيره فلك أن تفعلي معها ما يرضيها، وإن لم ترض إلا بحقها، فإن ذمتك لا تبرأ إلا بذلك. فواجبك الآن هو التوبة وأن تبذلي كل ما في وسعك حتى تنالي عفو هذه الخادمة، ونسأل الله أن يتقبل توبتك ويغفر ذنبك.
والله أعلم.