السؤال
كما لايخفى على فضيلتكم ما تعانيه الجالية الإسلامية في بلاد الغرب من الأخطار وذلك نتيجة الإقامة في تلك البلاد فنسأل الله أن يجعل العواقب كلها خير. فضيلة الشيخ. لدينا سؤال نريد أن نطرحه على فضيلتكم وذلك حول مسألة ( ترحيل جثة الميت إلى بلده الأصلي أو دفنه حيث مات) وحول هذا الموضوع تكون عندنا سؤالان : 1- دفن الميت حيث مات في بلاد الكفر وذلك حتى يتم التعجيل بدفنه ؟ ولكن في هذه الحالة بعض المفاسد منها : أ- أن الدفن عندنا يكون داخل مقبرة كبيرة الحجم ويدفن فيها جميع الملل من اليهود والنصارى والمسلمين مع بعضهم البعض علما بأن الحاجز بين قبور المسلمين وغيرهم هو فاصل من الأشجار فقط وليس بينهم طريق .ب - أن الميت يدفن بالتابوت .ج- أن القبر سوف ينبش بعد عشر سنوات إذا لم يتم تسديد ثمن القبر وهذا هو القانون عندهم 2-نقل الميت إلى بلده أي بلد الإسلام ؟ وفي هذه المسألة أيضا بعض المفاسد منها :أ- أن عملية التجهيز والترحيل للميت تتطلب عدة أيام للبقاء في ثلاجة الموتى وذلك لإستكمال الإجراءات القانونيه المتعلقة بذلك وفي هذا مخالفة لأمر النبي صل الله عليه وسلم بالتعجيل بالدفن . ج - أن قانون نقل الميت إلى بلده لابد أن تكون فيه المعاملة الربوية وهى ما تسمى اليوم (بالتأمين) علما بأن هذا النوع من التأمين ليس إجباريا. فأي من الحالتين أفضل وأقل ضررا . وكذلك ونأمل من فضيلتكم توجيه النصح والإرشاد وذلك لمن يقيم في بلاد الكفر ولديه الاستطاعة في الهجرة إلي بلاد الإسلام فيعرض نفسه وأسرته للمخاطر التي طمت وعمت ولاتخفى على أحد .وجزاكم الله خيرا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم الهجرة من بلاد الكفار في الفتوى رقم: 8614، ورقم: 2007. وبينا في الفتوى رقم: 4003، جواز نقل الميت إلى بلد آخر لمصلحة، ولا يضر تأخير دفنه لأجل تلك المصلحة بشرط ألا يحصل خلال ذلك تمزق أعضاء الميت ونحو ذلك، وقد توفر اليوم من وسائل الحفظ ما يمنع ذلك وعليه فالمفاسد المترتبة على دفن المسلم في بلاد الكفار أعظم من نقله إلى بلد إسلامي في الصورة المسؤول عنها لأن دفن المسلم في مقابر الكفار محرم بالاتفاق، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: اتفق أصحابنا ـ الشافعية ـ رحمهم الله على أنه لا يدفن مسلم في مقبرة كفار ولا كفار في مقبرة مسلمين. وبقية المذاهب كمذهبهم، وأما النقل مع حفظ الميت فالأكثر على جوازه، قال الحافظ في الفتح: واختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته، وقيل يستحب والأولى تنزيل ذلك على حالتين، فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدفن في البقاع الفاضلة وتختلف الكراهة في ذلك، فقد تبلغ التحريم والاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة وغيرها. ولمالك في الموطأ: أنه سمع غير واحد يقول إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها. قال الشوكاني رحمه الله: قوله فحملا إلى المدينة، فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل. وفي حالة المسلم في مقبرة الكفار فإنه ينقل منها إلى مقبرة المسلمين الخاصة بهم، والدفن في التابوت مكروه، قال الخطيب الشربيني: ويكره دفنه في تابوت بالإجماع لأنه بدعة ( إلا في أرض ندية... أو رخوة). وهي ... ضد الشديدة فلا يكره للمصلحة ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة. وفيه تعريض لإهانة المسلم بنبش قبره عند عدم تسديد ثمن القبر وعليه فلا مانع من نقله.
والله أعلم.